للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة ست وأربعين وثمانمائة]

[شهر الله المحرم]

أوله السبت.

في الثاني منه أمر السلطانُ والِيَ الشرطة بإصلاح الطرقات، فأساء التصَرفات في ذلك بأنّه ألزم كلّ من له حانوت أو بيت أن ينظّفَ أمامه، وأوجع كثيرًا منهم بالضرب المؤلم، فبادر إلى ذلك كلّ مَن حضر الوعِيدَ، فشرع في قَطْعِ ما أمام داره أو حانوته، وغاب كثير منهم فصارت الطرقات جميعا موعرة، وقاسى الناس من ذلك شدّة شديدة خصوصًا من يمشي بالليل وهو ضعيف البصر، ثم أبطل ذلك في اليوم الثاني، واستمر بعض الطرق بغير إصلاح.

وفي أول يوم منه خُتِم على كنيسة النصارى الملكيّين، لأنه وُجد داخلها أعمدة كذّان (١) من الحجارة المنحوتة وأكتاف جدد، وزعموا أن معهم مستندًا بذلك، فلما أبطأوا بإحضاره ختموا عليها ومُنعوا من دخولها.

وكُشِفَ في حارة زويلة عن دارٍ كانت لبعض أكابر اليهود وكانوا يجتمعون عنده (٢) للاشتغال بأمور دينهم، فمات فجعلها محبسه لذلك فصارت في حكم الكنيسة، فرُفِع عنهم أنّهم أحدثوا كنيسةً فأكَّدَ عليهم عدم الاجتماع فيها، وأن يُسْكَن بالأجرة أو لمن يستحق سكناها، ثم فُوض الأمر فيها لبعض نُوّاب الحنفي، فحكم بانتزاعها من أيدي اليهود، وأشهد على الكثير منهم بعد أن ثبت عنده أنّها إن أحْدِثت كنيسةً أن لا حقّ لهم في رفعها، فحُكم بها لبيت المال، فنُودي عليها يوم الأربعاء ثاني عشره.

* * *

وفي الخامس منه عَزَّر القاضي الحنفي ثلاثةً من يَهودِ كنيسة مصر (٣) التي ظهر فيها اللّوح المكتوب فيه محمد وأحمد، أثبتوا عنده أنهم كانوا يصعدون من المنبر، فمات واحد منهم وأسلم آخر، وعاش آخر موعوكا ثم مات.


(١) "الكذان" كما جاء في لسان العرب حجارة رخوة من البياض.
(٢) أي عند اليهودي الكبير صاحب الدار.
(٣) وهي الموجودة في قصر الشمع، انظر ما سبق ص ١٨٦ سطر ١٨ وما بعده.