للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة سبع عشرة وثمانى مائة]

استهلَّت وقد صمّم السلطان المؤيّد على سَفر الشام لقتال نوروز فخرج في رابع المحرّم من القلعة إلى الرّيدانية في قليلٍ من العسكر، واستنَاب ألطنبغا العثماني في باب السلسلة، وقَرّر للحُكم قجق الحاجب، وفي القلعة صُمَاى وبردبك، وقرّر صدر الدين بن العجمي في نظر الجيش بدمشق، وصُرِف من التُّربة الظاهرية وأعيد إليها حاجي فقيه، وأعيدت المواريث لديوان الوزارة.

وفى هذا اليوم هبَّت ريح شديدة تلاها رعدٌ عظيمٌ وبرقٌ ومطرٌ غزير وبرْدٌ مَلأ وجْه الأرض كل واحدة قدر (١) .... وأكبر من ذلك وخربت عدة دور، وجُمع منه الكثير حتى بيع في الأسواق بستَّةٍ كلُّ رطلٍ، وأحضروا للسلطان منه - وهو معسكِرٌ بالريدانيّة - في طبقٍ فأعجبه ذلك واستبشر به، وأنه يدكُّ بلاد الثلج وكان ذلك في بشنس (٢) من الأشهر القبطيّة، وقد وقع (٣) قريبٌ من ذلك في سنة تسعٍ وتسعين وسبعمائة في سلطنة الظاهر برقوق.

* * *

واستمر [السلطان] متوجّها في تاسع المحرم ومعه الخليفة الجديد والقضاة وأربابُ الدولة إلَّا الأُستادار فإنّه توجّه إلى الوجه البحريّ ثم عاد بعد أيام بأجمال موقرة ذهبًا ولحق بالسلطان؛ ودخل المؤيد غزة في العشرين من المحرّم وأقام بها أيامًا، ثم رحل فنزل على قبة يلبغا ثامن صفر، وكان سبب تباطيه في السير الاحتراز على نفْسه من أعدائه وممَّن معه، وفي غصون ذلك كان يحضر إليه جماعةٌ بعد جماعةٍ من الظاهرية والناصرية يفرّون من نوروز وأكثرُهم ممَّن كان يؤثر الإقامة بالدّيار المصرية، ومن أسباب ذلك أنه كان وقع الغلاءُ في الشام.


(١) فراغ في نسخ المخطوطة.
(٢) يوافق بشنس إذ ذاك شهر ربيع الأول (= مايو ويونيو ١٤١٤) من هذه السنة، انظر جدول السنين في التوفيقات الإلهامية، ص ٤٠٩.
(٣) راجع إنباء الغمر ج ١ ص ٥٢٧ س ١٢ - ١٣.