في الثّاني من المحرم جلس السلطان في إيوان دار العدل، وجلس القضاةُ والمفتيون ومن له الجلوس من الأُمراء، ووقف الباقون وبقيةُ الأُمراء والعسكرُ صفوفًا، وأُحضر محمد بن قِرمان مقيّدا صُحْبَة داود بن ناصر الدين محمد بن خليل بن محمد بن ذلغادر التركماني، فوقف داود مع الأُمراء وأُخِّر ابن قرمان وقُرئت القصص على العادة، وركب السلطان إلى القصر فأُحضر ابن قرمان وداود فخُلع على داود، وعاتب السلطانُ ابنَ قرمان على تعرّضه لطرسوس وعلى قبح سيرته في رعيّته، فسأل العفوَ ثم بدر منه أن قال:"يا مولانا السلطان: لمن تعطى البلاد؟ "، فاستسمجه وقال له:"ما أنت وهذا؟ "، ثم أمر به فأُخرج فاعتُقل (١) فأقام في الاعتقال سنةً كاملة، ثم أُفرج عنه بعد موت السلطان المؤيد وأُعيد إلى بلاده.
ثم أرسل السلطان فاستكْتَبه إلى نوّابه بالبلاد بتسليم البلاد والقلاع كلها ويحذرهم عن تأخير ذلك لئلا يُقتل ففعَل، فكان هذا المجلس أَفخر مجلسٍ جلسه السلطان وأفخمه.
ثم جلس في أواخر الشهر مجلسًا آخر بحضور رسول كرشجي بن أبي يزيد بن عثمان بهديّةٍ من صاحبه، فقرى كتابه وقُبلت هديته، وشرع في تجهيز هدية إليه صُحْبةَ قاصد من جهة السلطان، فعُيّن له قجقار جغطاى من أتباع إبراهم بن السلطان.
وفي أوائل المحرم غدر عذرا بن على بن نعير نائب الرَّحبة بأرغون شاه فقَبض عليه وحمله إلى عانة.
وفي رابع المحرم قدم على باى التركماني -أحد الأُمراء الإيناليّة منهم -فأكرمه السلطان.
وفيه استقرَّ شاهين الزَّرْدَكَاش فى نيابة طرابلس نقلا من نيابة حماه، واستقر
(١) كان اعتقاله في برج من أبراج القلعة، راجع عقد الجمان ٢٥/ ٤٩١ - ٤٩٢، أما السلوك، ورقة ٣٣٤ ب، فاكتفى بقوله "في القلعة" فقط.