جماعة، فاجتمع الوالي والحاجب فاستخرجوا كثيرين والقليل أحياء، ولكن كُل مصابٌ بيد أو رِجْل أوْ ظَهْر، والنادر منهم والأكثر مَن مات، فبلغ السلطان ذلك فتغيّظ منه، وطلب النّاظرَ على المدرسة - وهو نور الدين القليوبي - أمين الحكم وأحد نواب الحكم، فتغيّظ عليه وظنّ أنّه ينوب في ذلك عن القاضي الشافعي، فبسط لسانه في القاضي إنكارًا عليه في التفريط في مثل ذلك، ثم انكشف الغطاء أنّ القاضي ليس له في ذلك ولايةٌ ولا نيابة ولا عُرف بشيءٍ من ذلك منذ وَلَى وإلى تاريخه.
ولمّا بلغ ذلك بعْضَ النّاس بسط لسانه. وقال ما شاء الله أن يقول، ثم تبيّن بخلاف ما ظنّوا، وخاب ما أمّلوا، وكفى الله القتال، ثم إن بعضهم أغرى السلطان بأن قال له إن فلانًا (١) يتبجح بكذا، ويَنْسب السلطان إلى الظلم ونحو ذلك، فغضب زيادةً على الغضب الأول، وراسله بأن ينعزل عن الحكم، وأن يغرم دية الموتى، وذلك يوم الاثنين حادي عشره، فلما كان يوم الخميس طَلب الشيْخ شمس الدين محمد بن علي القاياتي إلى القلعة، فاجتمع بالسلطان، وأمره أن يتقلد القضاء فأجاب باشتراط أمور أجابه إليها، وأشار بأن يلبس الخلعة والتشريف فامتنع وتقلّد ورجع، وأركبه كاتبُ السر بغلته وهو بثيابه البيض. ودخل الصالحية وصحبته جماعة المباشرين والدويدار الكبير والثاني ورجعوا، وخرج هو من الصالحية إلى منزله بالجامع الأزهر. وطلب مَنْ له مباشرة في المودع والأوقاف وهرع الناس للسلام عليه وعلى المنفصل، ولله الحمد على ذلك.
* * *
[شهر ربيع الأول]
أوله الاثنين.
في السابع منه نقلت الشمس للسرطان، ودخل فصل الصيف. وفيه عمل المولد السلطان بالحوش على العادة، وحضر القضاة.
وفي الثالث عشر منه خُلع على كاتب السرّ الكمال البارزي خلعة استمرارٍ وكان وَقَعَ له يوم الأربعاء تغيظ من السلطان فطلب الإعفاء، ثم وَقَع التراضي وخلع عليه وركب النّاس معه، وهرع الباقون للسلام عليه.