للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين سبًّا فاحشًا بغير اللّسان العربي، وأنّه يعرف اللغة التي نطق بها، ومدلول الألفاظ السبّ الفاحش، فسُئَل حينئذ القاضي الحكم فيه، فتأمَّل جميع ما قامَتْ به البيّنة، فرأى أنها لا تصدر من صحيح الإيمان، بل مِن غير متمسّكٍ بملّةٍ من الملل، وأنه بذلك يستحّق إراقة دمه، وعدم قبول توبته، فأمر بإراقة دمه هدرًا عالمًا بالخلاف، فلما تكامل ذلك أركبه جملًا وأمر أن يطوف به الشوارع التي كان يُعلِنُ فيها بما تقدَّم ذكره، فلما وصل الرُّمَيْلة أمر السلطانُ بضرب عنقه هناك فضُرِبَتْ.

* * *

وفي يوم الثلاثاء ثالث عشرى شهر ربيع الآخر تأخّر القاضي كمال الدين كاتب السرّ عن الخدمة، بسبب تغيظ السلطان عليه في يوم الإثنين من أجل امرأة تَظَلّمت مِن وقفٍ عليها بدمشق استُبْدِل في غيبتها، ثم حضرت إلى دمشق بعد مدّةٍ طويلة، فرَفَعت الأمر لأحد نوّاب الحكم فحكم لها باسترجاعه، فأمر السلطان كاتبَ السِّر أن يكتب لها بتسليم الوقف، فتأمّل ما في يدها فوجده لا ينفذ تسليمها ذلك، فتباطأ في كتابة المرسوم، فلما سُئل عن سبب البطء قال: "ليس معها حَقّ" فغضب عليه وانزعج عليه، فنزل وأرسل يستعفى.

ثم في يوم الأربعاء (١) خلع عليه جبة، وركب معه جماعة واستمر، وكان ذلك يوم الأربعاء رابع عشرين شهر ربيع الأول سنة ٨٤٤ فاجتمع فيه خمس (٢) أربعاوات والثمانمائة يشتمل على أربع ومائتين، وهى آخر أربعاء في الشهر. وإنما ذكرت ذلك لما فيه من الردّ على ما يتعاني التشاؤم.

* * *

[شهر ربيع الآخر]

أوله الثلاثاء.

في يوم الاثنين السابع منه أعيد القاضي بدرُ الدين العينتابي إلى وظيفة الحسبة عوضًا عن الأمير تنمْ، وركب في جمع كبير، فأظهر العوامّ الفرح به، ونودى من جهته بإبطال ما أحْدِث على الباعة من الجمع وغيرها، فكثر الدعاء له.

* * *


(١) جاء في هامش هـ بخط الكيالي "الرد على من يتطير بآخر أربعاء في الشهر".
(٢) "أربعات" والتصحيح كما أثبتناه بإشارة من صديقنا العالم اللغوى أ. د. رمضان عبد التواب.