للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبات فيه ليلة الثلاثاء، وطلع إلى القلعة سحرًا فوافاه القضاة والأَعيان للسلام عليه، فتكلم الديرى على قوله تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ﴾ فنقل الديرى سبب النزول فنازعه الهروى، وكان بينهما ما سنذكره في حوادث أول السنة المقبلة.

وفيها استقر القاضي جمال الدين محمد بن أَحمد بن محمد بن محمود بن إِبراهيم بن رَوْزَبَة الكازرونى ثم المدني، الفقيه الشافعي في قضاء المدينة الشريفَة مضافًا إلى الخطابة والإمامة، وصُرف عبد الرحمن بن محمد بن صالح؛ ومولد الكازرونى فيما قرأْتُ بخطّه في سابع عشر ذي القعدة سنة ٧٥٧.

* * *

[ذكر من مات في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة من الأعيان]

١ - إبراهيم بن بابَي - بفتح الموحّدتين - العوّاد المغنّى (١)، كان مقرَّبًا عند السلطان أَبي النفْس، وإليه المنتهى في جودة الضَّرب بالعود ولم يخلف بعده مثله، مات ليلة الجمعة مستهل شهر ربيع الأَول ببستان الحلِّي وكان قد استأْجره وعمّره (٢).

٢ - أَحمد بن أَبي بكر بن محمّد الردّاد المكيّ ثم الزبيدي الصوفى، القاضي شهاب الدين الشافعي، وُلد سنة ثمان وأَربعين. ودخل اليمن فاتَّصل بصحبة السلطان الأَشرف إسماعيل بن الأَفضل فلازمه واستقرّ من الندماء ثم صار مِن أَخصّهم به، وكانت لديه فضيلة كبيرة، وكان ناظما ناثرا ذكيًّا إلَّا أَنه غلب عليه حبّ الدنيا والميل


(١) على الرغم من أن السخاوى في الضوء اللامع ج ١ ص ٣٢ سماه أيضًا بالمغنى وقرر أنه كان مغنى المؤيد شيخ إلا أنه "ذكر أنه لم يكن جيد الصوت بل كان رأسا في العود وفي فن الموسيقى"، وأشار إلى أنه كان رومي الأصل، وأن في حديثه بالعربية عجمة.
(٢) أورد ابن حجر في نسخة ظ بعد هذا العبارة التالية: "جترك القاسمي: في مشترك" وهو يعنى بذلك صاحب الترجمة رقم ٢٧ في هذه السنة، ص ١٨٤.