للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة ثمان وتسعين وسبعمائة]

فيها في المحرم تناقص سعر القمح إلى أَن وصل إلى ستين، ثم طلع بسبب الرمايات إلى مائة وعشرة (١)، فعَزل المحتسب (٢) نفسه فأَعاده السلطان وأَمره أَن يرميه بمائة، وكثر أَسف الناس لذلك، وآل الأَمر في جمادى الأُولى إلى أَن عدم الناس الخبز سبعة أَيام، واستسقى الناس بالجامع الأَزهر يتقدّمهم الشيخ سراج الدين البلقيني بسبب منامٍ رآه بعض من يعتقد فيه الصلاح، وتعجّب أَكثر الناس من موافقة الشيخ عَلَى ذلك (٣)، لكنه بالغ في الدعاء والابتهال والتضرّع، وضَجَّ معه الناس في ذلك وكانت ساعةً عظيمة، وكان ذلك في نصف جمادى الأُولى، فاتفق وصول غلال كثيرة في صبيحة ذلك اليوم فانحطَّ. السعر قليلًا، ثم ازداد الغلاءُ (٤) إلى أَن سَمّر الوالى جماعةً من الطحانين وضَرب المحتسبُ أَربعةً منهم بالسياط وشهّرهم، ولم يزدد الأَمر إلَّا شدّة، فعُزل شرف الدين الدماميني واستمر شرف الدين البجانسي محتسبًا في جمادى الآخرة.

* * *

وفى ثامن ربيع الآخر عُمل من (٥) عند السلطان في كل يوم خبز يفرّق على الفقراء والحبوس والزوايا نحو عشرين إردب قمح، وحضر إلى باب الاسطبل السلطانى نحو خمسمائة فقير، ففرّق السلطان فيهم لكل نفر خمسون درهما، فتسامع الفقراءُ بذلك فحضر في الجمعة المقبلة


(١) في ل "عشرين" لكن راجع ابن الفرات ٩/ ٤٢٧.
(٢) في هـ "فنزل المحتسب" وهو خطأ، هذا وقد كان المحتسب في ذلك الوقت يدعى القاضي البكرى.
(٣) في هامش ١١٧ من نسخة ظ "وخرج البلقيني بالناس إلى الجامع الأزهر فدعى برفع الغلاء وكانت ساعة عظيمة وكان ذلك في نصف جمادى الأولى واتفق وصول غلال كثيرة في صبيحة ذلك اليوم وانحط السعر قليلا ثم الخط إلى أن بيع الأردب بخمسين ثم انقطع الجلابة للخسارة فتزاحم الناس على الخبز فأمر ابن الطبلاوى بالتحدث في السعر ثم تزايد القحط واختفى المحتسب ورجع القمح إلى مائة وعشرين فاستقر البجائى".
(٤) فيما يتعلق بارتفاع الأسعار راجع تاريخ ابن الفرات ٩/ ٤٣٢ س ١٨ - ٢١، ص ٤٣٣ س ٢٠ - ٢٥، وانظر ما كتبه ابن الصيرفي في نزهة النفوس في مواضع متفرقة من سنة ٧٩٨ هـ.
(٥) "من عند" غير واردة في ز، هـ؛ وانظر نزهة النفوس، ورقة ٤٨ ب.