استهلت والغلاء بالقاهرة مستمر، ففي ثاني المحرم أرسل السلطان فارس الخازندار الطواشي بمبلغ كبير من الفضة المؤيدية، ففرقها على الجوامع والمدارس والخوانق، فكان لكل شيخ عشرة دنانير وإردب قمح، ولكل طالب أو صوفي أربعة عشرة مؤيدياً، ومنهم من تكرر اسمه حتى أخذ بعضهم في خمس مواضع، ثم فرق في السؤال مبلغاً كثيراً لكل واحد خمسة مؤيدية، فكان جملة ما فرق أربعة آلاف دينار، ثم رسم بتفرقة الخبز على المحتاجين، فانتهت تفرقته في كل يوم ستة آلاف رطل، واستمر على ذلك قدر شهرين، وتناهى سعر القمح في هذا الشهر إلى ثمانمائة درهم الإردب، وقرر السلطان في الحسبة الشيخ بدر الدين العينتابي وأضاف إليه إينال الأزعوري وذلك في الخامس من المحرم، وألزم الأمراء ببيع ما في حواصلهم فتتبعها إينال.
وفي سادس المحرم وردت عدة مراكب تحمل نحو ألفي إردب قمح فركب إينال ليفرقها مع المحتسب، فاجتمع خلق كثير فطرد الناس عن القمح خشية النهب فتزاحموا عليه فحمل عليهم، فمات رجل في الزحمة، وغرقت امرأة، وعمد إينال إلى أربعة رجال فصلبهم، وضرب رجلين ضرباً مبرحاً، ونهب الناس في هذا الحركة من العمائم والأردية شيء كثير، وسألت أدمية جماعة من ضرب الدبابيس.
وفي الثاني عشر من المحرم سفر الخليفة المستعين إلى الإسكندرية فسجن بها، وسفر معه أولاد الناصر فرج وهم فرج ومحمد وخليل وكان الذي سافر بهم صهر كاتب السر