قاسم وتبعهما جماعة، وكتب فيه محضر شهد عليه فيه بأمور معضلة، بعضها يتقضى الزندقة والاستهزاء بالشريعة وأهلها وغير ذلك من ارْتكاب الكبائر من اللواط وشُرْب الخمر، فبلغه ذلك فاستجار بعبد الرحمن بن الكُوَيْز، فسعى له ثم قبض عليه بعضُ الأعوان وجَمْعٌ من الشرطة وذلك في أوّل الليل، ففرّ إلى بيت ابن الكويز.
وأصبح القوم فرفعوا أمرهم ثانيًا فأمر السلطانُ الوالي ونقيب الجيش بالجدّ في طلبه، فلم يقدروا عليه، واستمرّ فى تواريه إلى أن كان في يوم الأحد ثاني شعبان فشفع فيه الأمير الكبير تَنَم المحتسب والأمير دَوْلت باي أمير آخور عند ناظر الجيش، فتكلّم معي في سماع الدّعوى عليه، والحكم بحقن دمه، فأجبتهم، فأمن على نفسه وظهر، ولم يقع له ولا عليه حكم إلى أن وقع من البعض علي ناظر الجيش في أواخر السّنة ما وقع، فتحرك حسن المذكور وساعده وليّ الدين السفطي وكيل بيت المال وجليسُ السلطان، فأوقفه للسلطان، وادّعى أنّ وليّ الدين ابن البلقيني تعصبّ عليه بجاهه وماله، وأن الذين كتبوا في حقه رجع أكثرهم، وأظهر خطوط بعضهم بذلك. فأمر السلطانُ أن يُعقَد له مجلس بالقضاة والعلماء، ويفصل الأمر بينهم، فوقع ذلك فى المحرّم كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
* * *
[شهر جمادى الآخر]
أوله الاربعاء بالرؤية.
في الثالث منه عَزل السلطانُ ابن النَّقَّاش من الخطابة بجامع طولون، وقرَّر فيه برهان الدين بن الميلق، وذكر أنه كان يصلى خلفه أحيانًا وهو أمير فلا يفصح في الخطبة ولا في القراءة في الصلاة.
وفيه حكم بهاء الدين الإخنائي بحضرة مستنيبه القاضي المالكي بقتل يَخْشَبَاي الأشرفي حَدًّا، لكونه لعن أجداد حسام الدين بن حريز قاضي منفلوط بعد أن قال له "أنا شريف، وجدّي الحسين بن فاطمة بنت رسول الله ﷺ! "، وكان سبق له أنّه ادّعى عليه عند بعض الشافعية بأنه شتم ناسًا فيهم أشراف، وحكم النائب الشافعي بقبول توبته وحقن دمه، فلما ادّعى الحسام بذلك عند المالكي طلب صورة الحكم السابقة وذكر أنها لا تمنع من سماع هذه الدعوى، وفوّضها لنائبه المذكور، فسمع البينة على الغائب وحكم، وبقي له الحجة.