للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة]

في ثالث المحرم لبس السلطانُ الصوف وكان ذلك قبل العادة بمدة والحرُّ موجود، واستمر بعد ذلك أياما، ووقع الندى وأمطرت السماء قليلًا ودخل كِيَهْك من شهور القبط وهو أول الأربعين عند المصريين ولم يقع البرد بل كان نظير فَصْل الربيع، واستمر ذلك إلى أن نُقلت الشمس إلى الجَدْى ولم يُعْهد ذلك.

وفي الثالث من المحرم قدم الحمل من قبرص وهو خمسون (١) ألف دينار.

وفيها قتل عذرا بن [على بن] نعير أمير آل فضل واستقر بعده أخوه وحجّ.

وفى ثالى عشر صفر صُرِفَ القاضي الحنبلي عز الدين عبد العزيز بن عليّ القدسي وأُعيد القاضي محب الدين [أحمد] بن نصر الله [البغدادي الحنبلي]، وكان عز الدين أحَسّ بأنه يعزل فمكر بأَن سأَل ناظرَ الجيش أن يسأل له السلطان في الإعفاء، فبلغ السلطان ذلك فأُعجب به، وقال: "لولا أنَّه رجل جيد ما طلب الإعفاء" وأمر أن يستمر، فظن حصول مقصوده بذلك من الاستمرار، فصبر على ذلك مدة، وسخط منه كاتب السر لأمر اقْتضاه فاحتال عليه بأن قال للسلطان: "هذا الحنبلي شيخ كبير وقد تكرر سؤاله الإعفاء وأن يقرر له رِزقٌ على جهة حِلٍّ يأكل منها ويعبد الله، ويدعو للسلطان"، فأمر السلطان بإجابته لذلك، فخُلع على محب الدين ولم يشعر عز الدين بذلك فضج ودار على الأُمراء فلم ينجع، وقُرّر له في الشهر على وقف يَلْبُغا التركماني معلومُ النظر، وكان يظن أنه بما تحيل به يستمرّ فانعكست حيلته (٢).


(١) زاد النجوم الزاهرة ٦/ ٦٢٦ على ذلك بأن برسباي أمر بضربها دنانيرا أشرفية وهي التي أمر بسكها بدلا من الدنانير الإفرنتية المشخصة، ومن ثم ضربت بقلعة الجبل وهو "ينظر إليها إلى أن تمت".
(٢) يستفاد من قراءة ص النجوم الزاهرة ٦/ ٦٢٦ - ٦٢٧ خلاف ما يستفاد من قراءة النص أعلاه من حيث شخصيه القاضي الحنبلي المعزول، فقد قال "ولم يكن عزل عز الدين لسوء سيرته بل إنه سار في القضاء على طريق غير معتادة، وهو أنه صار يمشى في الأسواق ويشترى ما يحتاجه، وإذا ركب أردف خلفه على بغلته عبده ويمر على هذه الهيئة بجميع شوارع القاهرة =