للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعناية (١) تَغْرِى بَرْمُش نائب القلعة، لأنهم كانوا انفردوا برواية المسند الحنبلي بالسّماع العالى من أصحاب الفخر، وعند بعضهم سنن أبي داود والترمذي ومشيخة الفخر، فجُهِّزوا وأخْرجوا في ثالث عشرى ذى الحجة، ووصلوا في تاريخه، فأنزلهم نائب القلعة عنده، وقرئ عليهم عنده في برج القلعة، ثم قرئ عليهم، بالبيبرسيّة، وعند سيدى محمد ولد السلطان بالغور داخل القلعة أيضًا، وهرع الناس إلى السماع عليهم.

* * *

وفي السادس عشر ظُفِر بجماعة من الفرنج من ناحية رشيد، وأحْضرِوا إلى القاهرة.

* * *

[شهر صفر]

في الثامن منه عُقد مجلس بسبب مدرسة ابن سويد (٢) التي أنشأها بمصر بالقرب من حّمام أمير جندار، بظهر فندق الكارم الصغير، وكان وقَفَها مسجدًا، وجَعَل فيها مدرّسًا فعمد ولده عبد الرحمن إلى المدرّس فأبطله، وادّعى أن أباه أسند إليه النظر، وأنّه اقتضى رأيه أن يجعل فيها خطبة، فاستُؤْذِن الملك الأشرف في إقامة الخطبة فأذن، واتّصل ذلك بالقاضي الحنفي - وهو يومئذ بدر الدين العيني - فأثبت الإذن وحكم بموجبه، فأقيمتْ بها خطبة، واتَّخَذَ بها منبرًا فوضعه بجانب المحراب، ودكَّة (٣) للمؤذنين، واستمر الحال إلى هذه الغاية.


(١) أمامها في هامش هـ بخط البقاعي: فأرسل إلى كل منهم مائة دينار، وكان قد حسن لهم تغرى برمش أن يتمنع عليهم ولده وغيره من الناس".
(٢) هو البدر حسن بن سويد المصري المالكي، وكان أصله من سوق شنودة، وإن قيل إنهم من منية كنانة بالقليوبية، وقد تسلسل من أسرة قبطية، وكان أبوه يبيع الفراريج وعلى رأسه العمامة الزرقاء والقفص على حد قول السخاوي في الضوء اللامع ٣/ ٣٩٩، عرف ذلك نقلًا عن بعض ثقات المصريين عن الشيخ شمس الدين المراغي. وعلى كل حال فقد لازم البدر الاشتغال وأثرى من التجارة، وتاجر مع اليمن سنة ٨٠٠. أما المدرسة المذكورة في المتن فقد أشار إليها السخاوي وذكر أنه بناها مقابل حمام جندر، لكنه "مات قبل إكمالها .. فصيرها بنوه بعده جامعا، وأبطلوا ما كان صيرها إليه من كونها مدرسة وابطلوا التدريس الذي كان بها. وحصل في ذلك خبط كبير" وكان موته سنة ٨٢٩ وأما ابنه عبد الرحمن فكان أحد نواب المالكي وكان أبوه شديد الحب والإيثار له على أخيه محمد فاخذه معه إلى اليمن سنة ٨٠٠ وقد أنكر الابنان: عبد الرحمن ومحمد أهلهما وانتسبا إلى كنانة، ولازم عبد الرحمن الأمير يشبك الأعرج أتابك الدولة الأشرفية برسباي، كما اتصل بجوهر الخزندار "فتقوى به في أمور كثيرة، وكان موته سنة ٨٤٤، راجع ص ١٧٠ ترجمة رقم ١١، أما محمد الذي سترد الإشارة إليها فيما بعد فقد مات سنة ٣٧. انظر الضوء اللامع ٣/ ٣٩٩، ٤/ ٢١٤، ٥/ ٥٥٥.
(٣) الدكة مكان مرتفع يصنع من الخشب عادة ويخصص للمؤذن وكذلك لقارئ السورة يوم الجمعة.