من الشام لكائنة وقعت له مع الباعوني فوصل إلى بغداد وولي القضاء بها؛ وكان ربما افتخر فقال: وليت قضاء الشام والعراق ومصر ولم يقع ذلك لأحد من أقراني.
وفي أول يوم من رجب أدير المحمل، ولم تجر العادة بذلك بل كان يدار في النصف أو قبله أو بعده بقليل.
[ذكر غزوة قبرس الكبرى]
بلغ الأشرف أن جابوش - ويقال: جينوس - بن جاكم بن بيدو بن أنطون بن جينوس صاحب قبرس وكان قد ملكها من سنة ثمانمائة فراسل ملوك الفرنج يستنفزهم على المصريين ويشكو ما جرى على بلاده، فأرسل كل منهم له نجدة، وأرسل ملك الكتيلان ابن أخيه بمركب وفرسان، وجد جابوش في عمارة المراكب والقراقر وعزم على قصد الإسكندرية تأسياً بوالده، فإنه هو الذي كان طرقها في آخر سنة ست وستين ودخلها عنوة في آخر المحرم أوائل صفر سنة سبع وانتهبها - وأسر منها خلائق والقصة مشهورة؛ فأمر السلطان لما بلغه ذلك بعمارة الأغربة والحمالات، وجد في ذلك وبذل الأموال، فلما تكاملت العمارة انحدرت إلى قوة ويقال إنه بلغت عدة العمارة أغربة وحمالات وزوارق - مائى قطعة وزيادة؛ وندب السلطان ينال الجكمي وتغري بردى المحمودي وغيرهما من الأمراء الكبار والصغار للغزاة وأن يكون ينال على من في البحر والآخر على من في البر وأن لا يعارض أحدهما الآخر، وكان معهم من الأمراء مراد خجا الشعباني - وإياس ويشبك الشاد واينال الأجرود وسودون اللكاشي وجانم المحمدي وغيرهم؛ وتلاقت المراكب من الإسكندرية مع المراكب المصرية بثغر رشيد في رجب، فاتفق أن الريح هاجب في بعض الليالي، فانكسرت أربع حمالات ومات فيها مائة فرس، وتسعة أنفس، وبلغ السلطان ذلك فتطير جماعة من الأمراء وثبت هو ولم يتطير، وقال له كاتب السر وهو يومئذ بدر الدين بن هرمز: