للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووقع في هذه السنة والتي بعدها والتي قبلها من تلاعُب الجهلة بمنصب الحسبة ما يُتَعَجَّب من سماعه، حتى إنَّه في الشهر الواحد يليه ثلاثة أو أربعة، وسبب ذلك أنهم فرضوا على المنصب مالًا مقررًا، فكان من قام في نفسه أن يليه يزن المبلغ المذكور ويُخْلَع عليه، ثم يقوم آخر فيزن ويُصْرَف الذي قبله، واستمر هذا الأمر في أكثر دولة الناصر فرج.

وفى رمضان وقع الطاعون بالقاهرة وفشا الموت واستمر إلى آخر السنة.

* * *

[ذكر من مات في سنة تسع وثمانمائة من الأعيان]

١ - إبراهيم بن محمد بن دقماق، صارمُ الدين، مؤرخ الديار (١) المصرية في زمانه، كان جده دقماق أحد الأُمراء الناصريّة ونشأ هو محبًا في الفن التاريخي فكتب بخطِّه منه مالا يحصى، وجَمع تاريخًا على الحوادث وتاريخًا على التراجم وجمع "طبقات الحنفية"، وحصلت له بسببه محنة في سنة أربع (٢) وثمانى مائة ذكرتها في الحوادث، وولى في آخر الأمر إمرة دمياط فلم تطل مدته فيها ورجع إلى القاهرة بها في ذى الحجة في أواخرها وقد جاوز الستين، وكان اشتغاله بالأدب عريًّا عن العربية عامِّيَّ العبارة، وكان جميل العشرة، فكه المحادثة، كثير التودّد، قليل الوقيعة في الناس.

٢ - أحمد بن إسماعيل بن عبد الله الحريري، شهاب الدين، اشتغل بالعلم ومهر في الطب والهيئة والمعقولات، ونظر في الأدب، وتزيَّا بزيّ العجم وكان مملقا جدا، اجتمعْتُ به في الكُتْبِيين مرارًا وسمعتُ من نظمه وفوائده، ثم اجتمع بالملك الظاهر بآخره فأعطاه وظائف الشيخ علاء الدين الأقفهسى فأثرى وحسُنت سيرتُه وحاله وتزوج وسلك الطرق الحميدة. مات في خامس ذي القعدة بمصر.


(١) في هـ "القاهرة" ثم كتب في الهامش "صوابه الديار المصرية".
(٢) جاء في تعليق لناسخ "في الهامش "لم يتقدم في السنة المذكورة شيء".، ويلاحظ أن ابن حجر اخطأ في قوله بالمتن "سنة أربع وثماني مائة" والصحيح فيها أن تكون "سنة خمس وثمانى مائة"، راجع في ذلك ما سبق، ص ٢٣٤، س ١٢ - ١٤.