استهلت (١) هذه السنة ومصر في رخاءٍ كبيرٍ جدا، فالقمح بنحو مائة درهم، والشعير بنحو سبعين، والذهب يومئذ بمائة وأَربعين المثقال.
وفى الثالث من المحرّم برز نوروز إلى صفد ثم انثى إلى شعشع، ثم انثنى إلى بكتمر جلَّق ومعه محمد وحسن وحسين بني بشارة فاقتتلوا، فقُتل بينهم جماعة وحُرقت الزروع وخربت القرى وكَسَرَهم وأقام بالرملة، وكان قد جهَّز الناصر عسكرًا إلى سودون المحمّدي بغزَّة ليستنقذها منه صحبة نائبها ألطنبغا العثماني وطوغان وسودون بقجة، وكان بكتمر جلق وجانم قد خرجا قبل ذلك من صفد إلى غزة فملكاها، ففرّ منها سودون المحمدّي فلحق بنوروز، فرجع نوروز فقاتلهم كما تقدّم وأَقام بالرملة، فبلغ ذلك العسكرَ المجهز من مصر بالعريش -وكان فيهم طوغان وباش باى وسودون بقجة- فدخلوا إلى مصر في صفر، ولمّا تحقَّق نوروز رجوعهم قَصَد صفد ليحاصرها فقدم عليه الخبر بحركة شيخ إلى دمشق، وكان قد جمع من التركمان والعرب والترك جمْعًا، وسار من حلب في ثاني عشر ربيع الأَول، فرجع نوروز فسبقه إلى دمشق ثم برز إلى برزة، فقدم عليه سودون المحمّدي هاربًا من بكتمر جلق وكان قد خالف نوروز إلى غزَّة فغلب عليها وفرّ سودون منه، فتراسل سودون ونوروز في الكفّ عن القتال ولم ينتظم لهما أمر، وصمّم شيخ على أَخْذِ دمشق وباتا على أَن يباكرا القتال، فأَمر شيخ بوقيد النيران في معسكره واستكثر من ذلك، ورحل جريدةً إلى شعشع فنزلها، وأَصبح نوروز فعرف برحيله فتوجّه إلى دمشق فدخلها في الخامس من صفر.
(١) في ظ "استهلت ونوروز مسئول على البلاد الشامية بطريق التغلب"، ثم ضرب عليها ابن حجر بالقلم وكتب ما هو وارد بالمتن، وزاد المقريزي: السلوك، ورقة ٦٨ أ على ما ورد في المتن بأن الفول كان سعره ستين درهمًا الإردب، انظر أيضا العيني: عقد الجمان، لوحة ٢٧.