قرأت في مجموع لطيف بخط بعض أصحابنا في يوم الاثنين تاسع ربيع الآخر سنة ٤٥ ورد من النائب بثغر دمياط ثلاثة نفر من السلمين، أخبر في مكاتبته بأنهم كانوا في مركب بالبحر فخرج عليهم الفرنج فقاتلوهم فاختلسوهم وقتلوا من قتلوا وأسروا الثلاثة وأن النائب اشتراهم بمائة وستين ديناراً، فقال لهم السلطان: لم أسلمتم أنفسكم؟ ولم لم تقاتلوا حتى تقتلوا؟ ثم سلمهم لوالي الشرطة وقال له: خلص منهم القدر الذي وزنه عنهم النائب ورده إليه، قال - وما سمع بأعجب من هذا الحكم في مثل هذا.
شهر ربيع الأول - أوله يوم الخميس بالرؤية.
وفي يوم الجمعة الثاني من الشهر كسر الخليج بمصر، وباشر التخليق سيدي محمد بن السلطان ومعه الحاجب الكبير وجماعة، وذلك في السابع والعشرين من أبيب، ولم يعهد نظير ذلك فيما مضى، ونودي بالوفاء وزيادة إصبعين، وكانت العادة المستمرة أن النيل إذا احترق كانت علامة لبلوغه الغاية تلك السنة وبالعكس، فلم يحترق في هذه السنة بل كان قارب الوفاء قبل دخوله بونة، فلما دخل بونة تناقص، وعند استحقاق النداء عليه كان بلغ زيادة على عشرة اذرع، وزاد مترسلاً فأكمل الستة في أحد وثلاثين يوماً، وأسرع ما أدركناه أنه أوفى في التاسع والعشرين من أبيب، واستغرب الشيوخ ذلك - والأمور كلها لله يفعل ما يشاء.
وفي يوم السبت ثالثه استقر في الحسبة الشيخ على الخراساني بالقاهرة مضافة لمصر وصرف بدر الدين العيني، فكانت مدة تكلمه في الحسبة في هذه الولاية دون السنة، لأنه استقر في ربيع الآخر سابع يوم فنقصت السنة شهراً وعشرة أيام،