للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى يوم الأربعاء سادس شهر ربيع الآخر ادّعى جماعةٌ من المجاهدين ومَن انضم إليهم على شخص نصراني أنه هو الذي كان السبب في قتل المجاهدين، وأنه كَاتَب الفرنج بقضيتّهم حتى استعدوا لهم، ودلّ على عوراتهم، وأقيمت بذلك البيّنة عند بعض نوّاب الحكم بدمياط - وكان مالكي المذهبٍ - وثبت ذلك عليه فحكم بقتله، وأمر بسجنه ليراجع السلطان فاجتمع عليه جمعٌ لا يحصون كثرةً، فنزعوه من أيدى أعوان الحكم، وحملوه إلى ظاهر البلد فقتلوه بين الناس وحرقوه (١)، ومدوا أيديهم إلى الكنائس فهدموها ونهبوا ما فيها، وكان النائب على الثغر ركب بمن حَضر مِن قضاة وغيرهم لينزعوا النصراني منهم فوجدوا الأمر قد اشتدّ، فكاتب السلطان بذلك فأمر بإحضار القضاة والنائب فسألهم فأخبروه بجلية الحال، وأخرج بعض الناس محضرا بأنّ النصراني المذكور أسلم قبل قتله، فتغيظ على قاتليه، وأمر بحبس كبارهم، ثم أذن في إطلاقهم في اليوم الثاني، وأمر بعزْل النائب والقضاة، واستقرّ في النيابة محمد الصغير، الذي كان وليها في العام الماضي، واستمرّ القاضي (٢) على حاله، وأمر بالاقتصار في النواب على ثلاثة فقط.

وفي يوم الاثنين حادى عشره أمر السلطان أن يستقر للقاضي الشافعي من النوّاب أربعة، وللحنفي اثنان، وللمالكي كذلك، والحنبلي كذلك.

وعقد في هذا اليوم مجلس بحضرته بسبب الحوانيت التي نازع فيها عتقى تانى بك البجاسي، وحضره قاضي حلب المنفصل علاء الدين بن خطيب الناصرية، وذكر الصورة مفصّلة، ومع ذلك أمرَ السلطان للقاضى الشافعي أن ينشئ الدعوى في ذلك، ويحرر الأمر فيها، ثم أذن السلطان أن يستقر للشافعى ستة أنفس، ولكل من رفقته ثلاثة، فكتب الشافعي أسماء جميع النواب في رقاع وأحضرها لحضرة السلطان، فتناول السلطان منها ستةً فاستقرّ بهم ومنع غيرهم.

ثم أذن بعد سبعة أيام في زيادة اثنين، ثم أمر باستبدال ثلاثة في السنة بثلاثة أمْيَزَ منهم لَطْعنِ بعض جلسائه في الثلاثة الأولين، وانتهى أمرهُ في يوم الثلاثاء سادس عشرى شهر ربيع الآخر إلى ثمانية، وللحنفى أربعة، واستمر المالكي على ثلاثة، والحنبليّ كذلك.


(١) في هـ "وحرقوا الكنائس".
(٢) سقطت عبارة "واستمر القاضي" من نسخة هـ. ولذلك علق البقاعي على ذلك بقوله: "لعله: وترك القاضي، وهي تحمل نفس المعنى.