للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقضاة يوم الأحد صبيحة الرابع والعشرين، فاشتوروا، فقيل للمالكي إن عندهم قولا بقتل الثلث لاستصلاح الثلثين، فأنكر المالكي ذلك، وقال: "هذا لا يعرف في المذهب"، قال: "فما السبب في تَجَرّى هؤلاء؟ " قال: "كثرة الحلم عنهم".

هذا ملخص ما حكاه هو لى، فإنني ركبْتُ فما وصلْتُ حتى انفضّ المجلس، وكذلك الحنبلي ما أدرك المجلس.

وسألت الحنفى فقال: "ما أجبْت بشيء لأجل غيبتكم"، ففهمْتُ أن القول كان على المالكي.

وذكر لي الحنفى أن بعض الأمراء قال "هؤلاء بُغَاة" فقال "فقلت له: لا، ماهؤلاء بغاة، وإنما أساءوا الأدب، وينبغى أن يُعرف البادؤ منهم بذلك فنعاقبه بما يرتدع به غيره".

فلما كان يوم الاثنين كتب مرسوم قُرِئ على المنبر بتهْديد العامّة والإنكار عليهم فيما فعلوه، وكتب توقيع القاضي تقّى الدين بن قاضي شهبة بعودته إلى القضاء، وبعَزْل القاضي شمس الدين الونائى، لأنّ النائب بعث يشكو منه ويقول: "إنما تسلط العامة علينا به" ونحو ذلك. وعُينَ للسفر بذلك الشريفُ الحموي الموقّع بعناية كاتب السرّ، فوصل قبل سفر الحاج بيومين، وكان الونائي قد تجهزّ إلى الحج فاستمروا واستقرّ ابن قاضي شهبة، وهي الولاية الثانية.

* * *

[شهر شوال]

أوله السبت بالرؤية الصحيحة (١) وصادف تاسع برمهات ورابع آذار.

وقع في أول يوم منه ريح باردة. وأثارت غبارًا شديدًا، بحيث كان يتصاعدُ إلى أعلى القلعة، واشتدت الظلمة منه وقت العصر إلى أن أمطرت شيئًا يسيرًا فسكن، واستمر البردُ


(١) إذا أخذنا بما جاء في جدول سنة ٨٤٣ بالتوفيقات إلإلهامية ص ٤٢٢ كان يوم الأحد هو أول شوال وهو يعادل ١٠ برمهات سنة ١١٥٦ ق، ٦ مارس سنة ١٤٤٠ م.