في أوائلها نازل التركمان مدينة حلب فحصرها علي بك بن خليل بن قراجا بن دلغادر ومعه عدة أمراء من التركمان وعدّة من أمراء العرب فنازلوا حلب أياماً وقاتلهم العوام ومن بها وكان بها يومئذ تمربغا المشطوب قد استنابه الناصر بها بعد قتل جكم فرحلوا ولم يظفروا بشيء في تاسع المحرم، وكان لعلي بك ولد محبوس بقلعة حلب فصانع أهل حلب أباه بإرساله إليه مكرّماً فما أفاد ذلك وجد في الحصار ونازل العجل ابن نعير حماة وحاصرها ونهب علي بك ومن معه القرى التي حول حلب وجدوا في الحصار، وبالغ أهل حلب في الذّبِّ عن أنفسهم وانتدبوا للقتال وهان عليهم الأمر خشية على أموالهم وحرمهم بحيث أنهم كانوا كل يوم لا يرجعون إلاّ وقد أنكوا في التركمان نكاية كبيرة، وكان القائم معهم في ذلك تمربغا المشطوب، فلم يزالوا على ذلك إلى ثاني عشر صفر فرجعوا لمملكتهم لما بلغهم أن نوروز أوقع بالعجل ومن معه من العرب على حماه وكسرهم وتجهز من حماه إلى جهة حلب، فلما دخل نوروز حلب وصل الناصر إلى دمشق، ثم راسله الناصر وقرره في نيابة دمشق وقرر تمربغا المشطوب في نيابة حلب واستهلت، فارتفع الطاعون من الديار المصرية بعد أن كان اشتدّ الخطب به.
وفي أول المحرّم تجهزّ الناصر إلى الشام لحرب نوروز، وفي الثامن منه وصل عدة مماليك، فقبض عليهم شيخ في وقعة غزة الآتي ذكرها ثم قدم كتابه يستحث الناصر على التوجه إلى الشام، فخرج السلطان في العشر الأخير من المحرم ورخص الشعير في هذه السنة جدا بحيث كان يباع بالصالحية مع وجود العسكر كل إردب بدرهمين فضّة.