للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة أربعٍ وثلاثين وثمانمائة

استهلَّت هذه السنة وقد غَلا سعر الذهب إلى أن بلغ مائتين وخمسةً وسبعين، وانتهت فيه زيادةُ النيل إلى تسعة عشر ذراعًا وعشرين إصبعا، وخرج الأمراء المجرّدون في أواخره ثم أمر بعودهم فعادوا من خانقاه بسرياقوس.

وفيه رخص الفول جدا حتى صار بدرهمين ونصف فضة وزنًا: كلُّ إردب، والشعير: كل إردبٍ بثلاثة، والقمحُ: بستةٍ ونصف، وهذا غايةُ الرُّخص إلَّا ما تقدم في دولة المؤيد فإنَّ القمح نزل فيه إلى ستة دراهم بندقية.

وخرج السلطان إلى الصّيد في الهيئة الكاملة فشَقَّ المدينة وخرج من باب الشَّعْريَّة ثم عاد من يومه.

وفيها حصل للحاجّ عطشٌ عند رجوعهم بمنزلة الوجه فمات منهم ناسٌ كثيرٌ قيل قدر ثلاثة آلاف، كلُّهم من الرّكب الأَول، ومات من الجمال والدواب شيءٌ كثيرٌ جدا ونُهِب لمَن مات من الأَموال ما لا يُحصى.

* * *

وفيها (١) حجر السلطان على الباعة أن لا يتبايعوا إلا بالدراهم الأشرفية التي جعل كل درهم فيها بعشرين من الفلوس، وانتفع الناس بها بالميزان يومئذ، وشدّد في الذهب أن لا يزداد سعره فإذا غفل ازداد، ولم يزل الأَمر يتمادى على ذلك إلى أن بلغ كل دينار أشرفى مائتين وخمسةً وثمانين درهما من الفلوس، واستقر الأَمر على ذلك إلى آخر الدولة الأشرفية.

وفيه استبدّ ابن الرّكاعنة صاحب فاس وتلمسان بالمملكة فسار إليه أبو فارس صاحب تونس بنفسه فظفر به وقرر في المملكة أحمد بن حمو وذلك في رجب سنة أربع وثلاثين.

* * *

وفى ربيع الآخر السلطان الفَعلة وأَهل المعرفة بالبناء لإصلاح الآبار وأماكن المياه التي في طريق الحجاز.


(١) أمامها في هامش هـ بخط البقاعي: "وفى سنة أربع وثلاثين هذه ورد كاتبه إبراهيم بن عمر بن حسن البقاعي في صفر منها إلى القاهرة من القدس يطلب علم الحديث من شيخنا مصنف هذا الكتاب" يعنى بذلك ابن حجر.