محمد بن خطيب قارا، الشيخ شمس الدين، كان متمولاً، ولي قضاء صفد وحماة وغيرهما يتنقل في ذلك، وفي اواخر أمره تنجز مرسوماً من السلطان بوظائف الكفيري ونيابة الحكم بدمشق، وقدمها فوجد الوظائف انقسمت بين أهل الشام، فجمع أطرافه وعزم على السعي في قضاء دمشق، وركب البحر ليحضر بما جمعه إلى القاهرة، فغرق وذهب ماله، وذلك في رجب منها.
يشبك بن عبد الله الأمير الكبير الساقي الأعرج الظاهري، اشتراه برقوق وهو شاب، ثم تأمر في اول دولة الناصر، وخرج من القاهرة في كائنة جكم ونوروز ببركة الجيش، فتنقل في تلك السنين في الفتن إلى أن قتل الناصر فصار من فريق نوروز فأرسله إلى قلعة حلب ليحفظها، وكان من إخوة ططر وقد صار من فريق المؤيد، فلم يزل يراسله حتى حضر عند المؤيد، فلما قتل نوروز أراد المؤيد قتل يشبك، فشفع فيه ططر فاعفاه من القتل، وأمر بتسفيره إلى مكة بطالاً، فتوجه إليها ودخل اليمن، ثم سعى له إلى أن عاد إلى القدس فأقام به بطالاً، فلما تمكن ططر من المملكة أمر بإحضاره فوصل إليه وهو بدمشق، وتوجه معه إلى حلب فاقامه في حفظ قلعتها، ثم لما رجع وتسلطن أرسل إليه فحضر فأمره، ثم كان من كبار القائمين بدولة الأشرف وسلطته فرعى له ذلك وأسكنه في القلعة معه، ثم صيره أتابك العساكر بعد قطج، وكان من خيار الامراء محباً في الحق وفي اهل الخير كثير الديانة والعبادة كارهاً لكثير من الامور التي تقع على خلاف مقتضى الشرع، وعك صبيحة موت جانبك فلم يزل يتنقل في المرض إلى أن مات يوم السبت الثالث من جمادى الآخرة، واستقر في الأتابكية بعده جراقطلي نقلاً من نيابة حلب، واستقر نور الدين ابن مفلح على نظر المارستان بعد أن كان نور الدين السفطي قد سعى فيها ليعود إليها، فلم يتم له أمر بعد أن هيئت خلعته وكذا سعى فيها جماعة، فبطل سعيهم.