في أولها نقص النيل عن الغاية التي انتهى إليها ذراعاً وثلثي ذراع فإنه كان انتهى إلى عشرين ذراعاً، ثم أسرع في النقص حتى منع السقائين من الملء من الخليج في عاشر الشهر، وصار الماء على ستة عشر ذراعاً وذلك في رابع عشر بابه، فبادر الناس إلى الزراعة واشتغلوا بها، فلما كان في النصف منه وذلك في أواخر بابه وقع برق متوالي من الغروب إلى أن مضت من الليلة هجعة فوقع رعد شديد مزعج فتمادى، ثم أعقبه مر كافواه القرب إلى أن مضى ثلث الليل الأول، فدلفت السقوف من البيوت الكبار فضلاً عن الصغار وسقطت أماكن وانزعج الناس انزعاجاً ما عهد مثله في هذه الازمنة في مثل هذا الوقت، وأصبحت أزقة البلد كالخلجان وكثر الوحل جداً وشراع الناس في تنظيفها، ولم يعهد مثل ذلك بالقاهرة إلا إذا أمطرت مراراً، ووصل الخبر بانها أمطرت بالبهنسا برداً في قدر بيضة الدجاجة والحمامة، وهلك بسبب ذلك من الحيوان شيئ كثير جداً. وفي ربيع الأول شغب الجند على الأستادار ونهبوا بيته بسبب تأخير النفقة، فاحضر السلطان الأستادار فضربه بحضرته ثم خلع عليه واستمر، وأنفق من خزانته شهرين، وعمل المولد السلطاني على العادة في اليوم الخامس عشر، فحضره البلقيني والتفهني وهما معزولان، وجلس القضاة المسفزون على اليمين وجلسنا على اليسار والمشايخ دونهم، واتفق أن السلطان كان صائماً، فلما مد السماط جلس على العادة مع الناس إلى إن فرغوا، فلما دخل وقت المغرب صلوا ثم أحضرت سفرة لطيفة، فاكل هو ومن كان صائماً من القضاة وغيرهم.