للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه كذب، فليس لزيد بن ثابت ولدٌ يسمى "مالكا"، وتلقيبه "عبد الرحمن بن سالم" بضياء الدين من أسمج الكذب فإن ذلك العصر لم يكن فيه التلقيب بالإضافة للدين؛ وكان مولده - على ما كتب بخطه - سنة ثمانٍ وخمسين، وذكر لي بلفظه أنه حضر درس الشيخ جمال الدين - وهو بالغٌ - وعرض عليه "التنبيه" فيُحتمل أن يكون بلغ وهو ابن ثلاث عشرة سنة أو ذهل حين كتب مولده.

وقدم القاهرة في حدود السبعين، وأول شيء رأيته من سماعه في جمادى سنة أربع وسبعين من الشيخ بهاء الدين بن خليل، ثم في رمضان سنة ثمان وسبعين؛ وسمع في البخاري على التقيّ (١) عبد الرحمن بن أحمد البغدادي، وسمع أيضًا من عبد بن الباجي وعبد الله بن مَغْلَطَاى وصلاح الدين البلبيسي، ثم تقى الدين بن حاتم وابن الخشاب وعزيز الدين المليجي؛ ونشأ يتيمًا فقيرًا بجامع الأزهر ثم اتصل بعلاء الدين بن قشتمر فنبه قليلا، ثم تنقلت به الأحوال إلى أن صحب قلَمطَاى الدويدار في سلطنة الظاهر فصار له ذكر.

واتفق تسحّب الشيخ شمس الدين بن الجزرى إلى بلاد الروم فشغرت عنه الصلاحية فوثب عليها، وكان رحل إلى الشام قبل التسعين فسمع من ابن المحب وابن الذهبي وابن المعز والبرهان بن جماعة - وهو يومئذ قاضي الشام - ومحمد بن أحمد بن عبد الرحمن المنبجى الأسمرى والكمال بن النحاس وابن خطيب يبرود وابن الرشيد وناصر الدين محمد بن عمر بن عوض بصالحية دمشق، وسمع من متأخرى شيوخنا كالشامي والغزّى والصردى والمطرز وابن صديق وابن أبي المجد ثم الحلاوى والسويداوى؛ ومن الحافظين: الإنباسي والبلقيني، والهيثمي شمس الدين، وأبى بكر حسين المراغى، وخرّج له ابن الشرائحي مشيخةً عن أربعة وأربعين شيخًا وحدَّث بها مرتين وكان يتبجح بها لكنه لا يعرف عاليًا من نازل، وكان عريض الدعوى كثير المجازفة سامحه الله. مات في رجب مطعونًا.

١٤ - برْدبك (٢) السيفي أحدُ مقدّمى الأُلوف بمصر مات في يوم الأحد عاشر جمادى الآخرة


(١) راجع ترجمته في الدرر الكامنة ٢/ ٢٢٧٦.
(٢) لم ترد هذه الترجمة في هـ، والظاهر أنها ليست من قلم ابن حجر نفسه لورود كلمة "مخدومنا"، أو على الأقل أنه كتب هذه الترجمة حتى كلمة "كهلا".