ويقال: انصرف عليها عشرة آلاف دينار، وبلغ السلطان أويس ذلك فاستعظم همته ووعد أنه يكافيه، ثم اكترى من الملاحين على حمل رحله وجماله ورجالته من بغداد إلى الحلة، وكان سفر الناس أجمعين في تلك السنة في المراكب، وخرجوا في خامس شوال فلم يمض لهم إلا خمسة أيام حتى هبت ريح عاصف قصفت سور المدينة، ثم تزايد الماء فانكسر الجسر وغرقت غالب الدور حتى أن امرأة من الخواتين ركبت من مكانها إلى كوم من الكيمان بألف دينار وتقاتل الناس وذهبت أموالهم، وأصبح غالب الأغنياء فقراء، ثم بعد عشرين يوماً نقصت دجلة وانقطع الماء الذي يوصل بغداد من المقطع فبقيت البلد كأنها سفينة غرقت، ثم نقص الماء الذي يوصل بغداد من المقطع فبقيت البلد كأنها سفينة غرقت، ثم نقص الماء فبقيت ملآنة بأهلها ودوابهم الموتى فجافت ونتنت وبقي الماء كأنه الصديد، فوقع الفناء في الناس بأنواع من الأمراض من الاستسقاء وحمى الدق، وغلت الأسعار. وكان أويس بتبريز فلما بلغه غضب على نوابه، فالتزم الوزير عن نائبه أن يعمر بغداد من خالص ماله بشرط أن يطلق الناصر العراق ثلاث سنين للزراع والمعامل وأن لا يطالب أحد أحداً بدين ولا بصداق ولا بإجازة ولا بحق، فقبل السلطان ذلك، فشرع في ذلك ونادى: من أراد عمارة بيته يجيء يأخذ دراهم ويسكن فيه بالأجرة حتى يوفي ما يقترضه ثم يصير البيت له، وأخذ في عمارة السوق والسور. وكان أويس قد عمل العراق وشن الغارات كرهاً على بغداد في هلاكها، ثم آل أمره إلى أن خلع نفسه عن الملك لولده حسين وأوصى، فحبس ابنه الآخر حسن لأنه كان استنابه في سلطانه، فقتل الأمراء وعصى، وأوصى لولده على بغداد وحفر له قبراً، فاتفق أن ضعف يوم الأحد ومات بعد أسبوع، وأقامت بغداد ستة أشهر لا يدخلها سفر ولا يخرج منها سفن