للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي أَواخر السّنة بلغ السلطان أن بعض التركمان نازل مَلَطْية فأَمر بتجريدة ثم بَطُلَت، وجهز قَانِبَاى البهلوان أَميرًا عليها.

وفي خامس عشرى شهر ربيع الآخر مات كافور (١) الزمام وكان قد عمر وقارب التسعين ودفن في تربةٍ بناها بالصحراء.

* * *

وفي عاشر جمادى الآخرة قُبض على تغرى بردى المحمودي وهو يومئذٍ رأْسُ نوْبة الكبير، وكان حينئذ يلعب مع السلطان بالاكرة في الحوش، وذُكر أَنَّ ذنبه (٢) ما نُقل عنه أَنه اختلس من الأَموال من قبرص وشُيِّع في الحال إلى الاسكندرية مقيَّدًا.

ومن عجائب ما اتفق له في تلك الحال أَنَّ شاهِد ديوانهِ شمس الدين محمد بن الشامية لحقه قبل أَن يصل إلى البحر فقال له وهو يبكي: "يا خَوَنْد هل لك عندى مالٌ؟ " وقصد أَن يقول لا فينفعه ذلك بعده عند السلطان وغيره، فكان جوابه له: "أنا لا مال لى، بل المال للسلطان"، فلما سمعها ابن الشامية دق صدره واشتد حزنه وسقط ميتا من غير ضَعْف ولا علة.

* * *

وفي آخر يوم من ذي القعدة استقر بهاء الدين بن نجم الدين بن حِجّي في قضاء الشام مكانَ والده، وبذل في ذلك ثلاثين أَلف دينار، وسيأْتي ذكر قتل أَبيه في ترجمته.

* * *

[ذكر من مات فى سنة ثلاثين وثمانمائة من الأعيان]

١ - أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن عرب، أبو العباس المعروف بابن عرب اليماني، الزَّاهد بالشيخونية (٣) الحنفى تنقَّل أَبوه من اليمن إلى بلاد الروم فسكنها وولد


(١) سماه النجوم الزاهرة ٦/ ٦٩٧ بالأمير الطواشي الرومى شبل الدولة كافور الصرغتمشي زمام دار السلطان.
(٢) أشار أبو المحاسن في النجوم الزاهرة ٦/ ٦٢٠ - ٦٢١ إلى القبض على تغرى بردى المحمودي هذا وقال إنه لم يعرف أحد ذنبه حتى ولا هو نفسه ثم قال: "سألته فيما بعد فقال لا أعلم على ماذا أمسكت"؛ وأشار إلى أن المقريزي ذكر له عدة عيوب. أما قصة ابن الشامية فيرويها أبو المحاسن، نفس المرجع، على وجه آخر يستفاد منه أن ابن الشامية لما عاين سفر تغرى بردى منفيا إلى الاسكندرية "اشتد صراخه" حزنا عليه "إلى أن سقط ميتا".
(٣) جاء بعد هذا في نسخة ز "الحنفى وما علمت مستندى فى ذلك للآن، ورأيت بخط التقي القلقشندي نقلا عن أخيه =