للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى يوم الاثنين ثالث عشري رمضان استقرّ الأمير الكبير آقبغا التمرازي في نيابة الشام، وخُلع عليه بالقصر، وعيّن جماعة من الأمراء والجند للسفر إلى قبالة نائب الشام، ثم وصل الخبر بأنّ الذي كان في إمرة طرابلس تركها لما وصل تَغْرى بَرْمُش نائبُ حلب إليها، وجاء فيمن أطاعه إلى الرِّملة، فكاتب السلطان يستحثه على الوصول بالعساكر لتمهيد البلاد الشامية.

* * *

وفي ليلة الاثنين الثلاثين من شهر رمضان تراءى الناس الهلال على العادة وحضر القضاة الأربعة بالمدرسة (١) المنصورية فلم يروا شيئًا وأصبحوا صائمين، وشاع أنّ العزيز هرب من قاعة محبسه من القلعة، وهرب معه الطواشي الذي كان يخدمه والجارية (٢)، فقلق السلطان بسبب ذلك واتّهم به جماعةً من مماليك أبيه [الأشرف بَرْسْبَاى]، فبلغ ذلك إينال [الأبوبكري الأشرفي] فخشى على نفسه فوزّع قماشه (٣) وتسحّب في الليل، وبات جماعة من الأمراء لابسين بالرُّمَيْلة، وشاع أن الفتنة تقع يومَ العيد، فصلّى السّلطانُ العيد بالقصر الكبير وحضر الأمراءُ كلّهم فصلّى بعضهم بالجامع ومعظمهم بالقصر. وخَطَبْتُ (٤) بهم بعد الصلاة على منبر لطيف، وخُلع علَى من له عادة من الأمراء والقضاة وانصرفوا إلى منازلهم.

* * *

[شهر شوال]

أوله الثلاثاء.

في يوم الخميس ثالثه استعفى أرْكماس الظاهري الدويدار الكبير من الخدمة، وكرر ذلك فأعفاه السلطان، وطرَد الشرطة من بابه، وأخرج إقطاعه. فلما كان يوم الخميس


(١) تقع هذه المدرسة بخط بين القصرين بالقاهرة، وهي من إنشاء الملك المنصور قلاون الألفي وكان يدرس بها الفقه على المذاهب الأربعة، كما كان فيها درس للطب ودرس للحديث النبوي وآخر لتفسير القرآن. انظر المقريزي: الخطط ٣/ ٢٤٢.
(٢) هي دادته سر النديم الحبشية أما طواشيه فكان رجلا هنديا اسمه "صندل" وسنه دون العشرين وكان من عتقاء أمه خوند جلبان.
(٣) القماش - كما يقرر ماير في تعبير هذا العصر هو الملابس المتنوعة الثمينة، وغالبا ماكان يطلق هذا اللفظ على الملابس الرسمية. انظر الملابس المملوكية ترجمة الأستاذ صالح الشيتي ص ١٣٣، وقد أورد ملحقا عن كلمة القماش. (شلتوت).
(٤) كانت صلاة العيد يومذاك بجامع القلعة أما فيما يتعلق بقصة هرب العزيز فهي واردة بالتفصيل في النجوم الزاهرة. ج ١٥ ص ٢٥٤، ٢٥٥.