للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة ست وثلاثين وثمانمائة]

في المحرم حُوِّلَت السنة الخراجِيَّة على العادة، وكان أول السنة الخراجية ثاني يوم المحرم. وكان أوّله (١) يوم الجمعة فأَول السنة الخراجية يوم السبت، وكان الذهب الأشرفى حينئذ بمائتين وسبعين، وانتهت زيادةُ النيل إلى خمسة أصابع بعد العشرين.

وفي السادس والعشرين منه غضب السلطان على آقْبُغَا الجمالي الأُستادار فضربه بحضرته عدة مقارع ونحو ثلاثمائة عصا على ما قيل وأُنزل على حمارٍ إلى بيت والى الشرطة، وأُعيدت الأُستادارية إلى الوزير وانْفصل من ولاية كتابة السر، وكوتب كمال الدين محمد ابن ناصر الدين محمد البارزي -وكان قد استقر قاضيَ الشافعية بدمشق- لِيَلىَ كتابةَ السّرّ، فوصل يوم الجمعة تاسع عشر شهر ربيع الأول، ولم يلبس (٢) حتى حَمل المال الذي قُرِّر عليه بسبب ذلك، وخُلع عليه في يوم السبت العشرين منه وقرئ تقليده يوم الخميس ثامن جمادى الأولى، فلم يقم إلا قليلا حتَّى تحرك السلطان للسفر إلى الشام فخرج معه واستقر في قضاء دمشق صهرُه بهاء الدين بنُ حِجّى، وعُرضت كتابة السر على شهاب الدين بن الكشك فاعتذر بضعفِ بصرِه فقرر فيها تاج الدين عبد الوهاب بن أفْتَكِين وكان أحدَ الموقَعين بها ويتوكَّل عن كاتب السر بمصر ابن مزهر.

وكان الشتاء في هذه السنة معتدلًا بحيث لم يقع به بردٌ شديدٌ سوى أسبوعٍ، وبقيته يشبه مزاجه مزاج فَصْل الربيع في الاعتدال.

وفى هذا الشهر أظهَرَ السلطانُ الجِدَّ في التوجّه إلى بلاد الشمال وأعلم الناس بذلك فتجهَّزوا.

وفي حادى عشر جمادى الآخرة أُنْفِق على العسكر ثم أُنفق في المماليك في سلخ جمادى الآخرة وهم ألفٌ وسبعمائة.


(١) أى أول محرم.
(٢) أي لم يلبس خلعة كتابة السر حتى حمل المال المفروض عليه.