للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة]

في (١) أولها نقص النيل عن الغاية التي انتهى إليها ذراعًا وثلثى ذراع فإنه كان انتهى إلى عشرين ذراعا ثم أسرع في النقص حتى منع السقائين من الملى من الخليج في عاشر الشهر، وصار الماء على ستة عشر ذراعًا وذلك في رابع عشر بابه، فبادر الناس إلى الزراعة واشتغلوا بها، فلما كان في النصف منه - وذلك في أواخر بابه - وقع برقٌ متوال من الغروب إلى أن مضت من الليل هجعةٌ فوقع رعدٌ شديدٌ مزعجٌ فتمادى، ثم أعقبه المطر كأفواه القرب إلى أن مضى ثلث الليل الأول، فدَلقت (٢) السقوف من البيوت الكبار فضلًا عن وسقطت أماكن، وانزعج الناس انزعاجًا ما عهد مثله في هذه الأزمنة في مثل هذا الوقت، وأصبحت أزقَّة البلد كالخلجان وكثر الوحل جدا، وشرع الناس في تنظيفها ولم يُعهد مثل ذلك بالقاهرة إلا إذا أمطرت مرارًا ووصل الخبر بأنها أمطرت بالبهنسا بردًا قَدْرَ بيضة الدجاجة والحمامة، وهلك بسبب ذلك الحيوان شيء كثيرٌ جدًّا.

* * *

وفي ربيع الأول شغب الجند على الأُستادار ونهبوا بيته بسبب تأخير النّفقة، فأحضر السلطان الأستادار فضربه بحضرته ثم خلع عليه واستمر، وأنفق من خزانته شهرين، وعمل المولد على العادة في اليوم الخامس عشر فحضره البُلْقينى والتَّفَهْنى وهما معزولان، وجلس القضاة المستقرّون على اليمين وجلسا (٣) على اليسار والمشايخ دونهم، واتَّفق أن السلطان كان صائما فلما مُدَّ السماط جلس على العادة مع الناس إلى أن فرغوا، فلما دخل وقتُ المغرب صلوا ثم أحضرت سفرة لطيفة فأكل هو ومن كان صائما من القضاة وغيرهم.


(١) جاء في هامش هـ إزاء أحداث هذا الشهر بخط البقاعي: "وفي ليلة الأربعاء ثالث محرم هذا من سنة اثنتين وثلاثين هذه ارتحل كاتبه إبراهيم البقاعي من دمشق لطلب العلم الشريف فوصلت إلى بيت المقدس يوم الخميس حادي عشره، ونزلت بالمدرسة الصلاحية، وكان بالقدس طاعون فات ولد لشيخ الصلاحية وناظرها العلامة عز الدين عبد السلام القدسي يوم السبت سابع عشرين الشهر، وكان باسمه وظيفة طلب بالمدرسة المذكورة فقررنى والده في وظيفته وأشهد عليه بذلك عند دفنه بتربة ما ملا جزاه الله خيرا".
(٢) أمامها في هامش هـ: "لعله من قولهم: اندلق على: انصب".
(٣) أي البلقيني والتفهني.