الأشرفية نازعه ولد الشيخ عبادة بمساعدة جماعة من الأكابر، وتمسكوا بقول الواقف بان من كان له ولد وهو أهل التدريس بها فلا يقدم عليه غيره، فاستقر الولدان جميعاً لأنه لم يوجد في شرط الواقف ما يمنع التشريك، وقبل ذلك نوزع القاضي شمس الدين ابن عامر المالكي في تدريس الشيخونية يعد أن استقر فيها وعمل إجلاساً، فنوزع بان شرط الواقف أنه لا يقدم على من كان متأهلاً للتدريس من طلبة المكان، فإن لم يكن فيهم أهل قرر من غيرهم، يقدم الأفضل فالأفضل والأمثل فالأمثل، وكان أحد النظار قرر ابن عامر والآخر قرر الشيخ يحيى العجيسي، فاتفقوا على أن الشيخ يحيى أفضل من ابن عامر، فصرف ابن عامر وقرر الشيخ يحيى، وأشار بعض الحاضرين بأن يعوض ابن عامر وظيفة خفيفة من وظائف الشيخ يحيى، فتبرع قاضي المالكية بوظيفته بالجمالية له ووقع التراضي، ثم غضب القاضي من ابن عامر من كلام واجهه به فتعصب له ناظر الجمالية فامتنع من إمضاء النزول، ولم يظفر ابن المخلطة ولا ابن عامر بشيء.
وفي يوم الاثنين الخامس عشر من ذي القعدة صرف كاتبه عن القضاء بسبب امرأتين من أهل الشام تنازعتا في نظر خمس سنين وشهراً وعشرة أيام وقف والدهما، فشرك الحمصي وهو يومئذ قاضي الشافعية بدمشق بينهما ثم بعده الونائي بقليل، فحكم للكبرى وألغى الحكم للصغرى، فعقد لهما مجلس بحضرة السلطان وتعصب الأكابر للصغرى، فوجد حكم الونائي لا يلاقي حكم الحمصي فأمر كاتبه أن يستوعب الصورة ويستمر بهما على الاشتراك، فلما تأملت وجدت حكم الونائي لا ينقض، فاعتل عليه وكيل الصغرى بأنه اسنده إلى ما ثبت عنده من تبذيرها وسفهها ولم يفسر التبذير والسفه فلا يقدح فيها، لاحتمال أن يكون من شهد بذلك يعتقد ما ليس بسفه سفهاً وما ليس بتبذير تبذيراً،