للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة إحدى وأربعين وثمانمائة]

قرأت بخط القاضي الحنبلي: "لم يُرَ الهلال ليلة الجمعة (١)، إلّا أن شخصًا يقال له العلائي يقرأ المواعيد ذكر أنه رآه ولم يوجد من يوافقه، وفي يوم الجمعة صُلّى بجامع الحاكم بعد الصلاة على ميت".

وفيه فُرِّقت كتب للحجّاج وفيها أن الوقفة يوم الجمعة، وكان قدوم الهجان بذلك بعد العصر يوم الخميس قبل ذلك، ولم يحضر المبشّر على العادة خشيةً من العرب الذين يقطعون الطريق.

وفي يوم الاثنين استقر سراج الدين عمر الحمصي في قضاء طرابلس، وخُلع عليه، وركب مع القاضي الشافعي وناظر الحِسْبة.

وفي العاشر منه ثار جماعة من المماليك الأشرفية الجلبان وقصدوا نهب بيت ناظر الجيش فأنْذِر بهم، فاحتَرزَ وتحوّل من بركة الرطلى (٢)، ونقل أمتعته فهجموا منزله ببركة الرطلى. ونهبوا ما فيه، وهم دون المائة، ورجعوا، وخشي الوزير من النّهب فاختفى، ثم صارا (٣) يحضران مع المركب، ويرجعان متخفيَيْن، فراسلهم (٤) السلطان بالمنع عَمّا فعلوه فلم يُجيبوا (٥)، وراموا أن تُزاد جوامكهم واللحمُ، ثم سكنت القضية.


(١) الوارد في جدول سنة ٨٤١ بالتوفيقات الإلهامية أن أول المحرم من هذه السنة كان يوم الجمعة.
(٢) كانت هذه من جملة أرض الطبالة بالقاهرة وكانت تعرف ببركة الطوابين لعمل الطوب بها، ثم عرفت ببركة الحاجب إذ عهد الناصر محمد بن قلاوون إلى الأمير بكتمر الحاجب أن يجعل حفر الخليج الناصري على الجرف حتى يمر بجانب بركة الطوابين، ومن ثم عرفت بذلك، ثم كان في شرقيها زاوية بها نخل كثير وفيها شخص يصنع الأرطال الحديد التي تزن بها الباعة ما يبيعونه فنسبها الناس إلى صانع الأرطال وسموها بركة الرطلى، ثم صارت متنزها. وقد أدرك المقريزي من سنة ٧٧٠ حتى ٨٠٠ هـ بها أوقاتا "رقدت عن أهاليها أعين الحوادث .. ثم بقى فيها صبابة ومعالم أنس" على حد قوله. فيها يقول أحد الشعراء.
في أرض طبالتنا بركة … مدهشة للعين والعقل
ترجح ميزان عقلي على … كل بحار الأرض بالرطل
راجع خطط المقريزي ٢/ ٥٨١ - ٥٨٢.
(٣) يقصد بذلك الوزير وناظر الجيش.
(٤) الضمير هنا عائد على المماليك الجلبان.
(٥) أشار أبو المحاسن في النجوم الزاهرة ١٥/ ٨٣ إلى أن السلطان الأشرف برسباي أخذ يتوعدهم ويدعو عليهم بالطاعون "فلم يلتفت منهم أحد إلى كلامه .. ونزل عدد كبير منهم إلى دار عبد الباسط وإلى بيت جانبك الأستادار ودار الوزير كريم الدين وأفحشوا إلى الغاية، ولم يعرضوا لأحد في الطرقات خوفا من العامة".