شهر ذي الحجة استهل بيوم الخميس بعد أن تراءى الناس الهلال ليلة الأربعاء على العادة بعدة أما كن من الجوامع وغيرها فلم يخبر أحد برؤيته إلا شذوذاً، يقول الواحد منهم: إنه رأى، فإذا حوقق أنكر، فبحث عن السبب في ذلك فاعتذروا بأنه شاع بينهم أن السلطان إذا اتفق يوم - العيد يوم الجمعة يلزم أن يخطب له مرتين وقد جرب أن ذلك إذا وقع يكون فيه خوف على السلطان، فبلغ السلطان ذلك بعد أيام فأنكره وأظهر الحنق على من ينسب إليه ذلك، فقيل له فإن أحمد بن نوروز، وهو أحد من يلوذ به من خواصه المعروف بشاد الغنم - ذكر أنه رآه ولم يخبر القاضي بذلك، فاستدعاه فاعترف أنه رآه ليلة الأربعاء ومعه جماعة، فأرسله مع المحتسب إلى القاضي الشافعي فأدى عنده شهادته، فلما شاع ذلك نودي في البلد من رأى هلال ذي الحجة ليلة الأربعاء فليؤد شهادته بذلك عند القاضي الشافعي، فسارع غالب من كان شاع عنه دعواه الرؤية في تلك الليلة إلى الشهادة بذلك، فلما استوفيت شروط ذلك نودي بأن العيد يوم الجمعة، فاعتمدوا على ذلك وصلوا العيد يوم الجمعة؛ فلما كان في يوم السبت الخامس والعشرين من ذي الحجة وصل المبشر بسلامة الحاج في آخر ذلك اليوم، وأخبر أن كل من حضر الموقف من الآفاق لم ينقل عن أحد منهم أنه رأى الهلال ليلة الأربعاء بل استوفوا العدة واستهلوا ذا الحجة بيوم الخميس ووقفوا بعرفات يوم الجمعة -، واستمر الأمر بينهم على ذلك وأنه فارقهم آخر النهار يوم السبت، فقطع المسافة في أربعة عشر يوماً، ووصف السنة بالأمن واليمن والرخاء مع كثرة الخلائق - ولله الحمد على ذلك.
وفي هذه السنة توجه الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد الفرياني المغربي إلى جهة الجبال المقدسة ويقال لها: جبال حميدة، وعندها عرب، فنزل عند بعض العشير ودعا إلى نفسه أنه المهدي، وقيل ادعى أنه القحاطاني، فانضم إليه جماعة من العرب فاستغواهم ووعدهم