من المسلمين بالإقامة فيها، فأقاموا إلى أن ولي يزيد الخلافة فأذن لهم في القفول خشية عليهم ففعلوا وتركوها، ثم كانت تغري بعد ذلك؛ وبعد توجه المدد وصل الخبر برجوع العسكر كله بسبب تخاذلهم، وأصيب.. بالرمي عليهم ثم.. ثم الترجمان ومعه طائفة - وخشي أن.. من هجوم الشتاء، فاتفق أكثرهم على الرجوع فلم يسعه إلا موافقتهم، فتوجهوا ووصلوا أرسالاً، فكان آخر من وصل كبيرهم وهو الدويدار الكبير إينال العلائي فوصل في آخر جمادى الآخرة منها.
وفي أوائل رجب سافر الحاج الرجبي وصحبتهم صاحبنا الشيخ برهان الدين السوبيني قاضياً على مكة، وفي سابع ذي القعدة أمر أمير مكة أبو القاسم بن حسن بن عجلان القاضي جلال الدين أبا السعادات أن يخرج من مكة، فتوجه إلى جدة فأقام بها إلى أن تكلم التاجر بدر الدين حسن بن الطاهر مع الشريف في أمره فأذن له في الرجوع، فلم ينشب أن قدم أمير الركب تمرباي وصحبته مرسوم سلطاني بأن أبا السعادات لا يقيم بمكة بل يخرج إلى المدينة الشريفة فيقيم بها، فتجهز مع الركب الأول. وتراءى الناس الهلال ليلة الخميس فلم يتحدث أحد برؤيته، فوقفوا يوم الجمعة وكان الجمع كثيراً جداً، وأمطرت السماء ذلك اليوم من وقت زوال الشمس إلى أن غربت مطراً غزيراً جدا، وتوالى بحيث ابتلت أمتعتهم حتى أشرف من لا خيمة له على الهلاك، وتضاعف الرعد والبرق، ويقال: كانت هناك صواعق أهلكت رجلان وامرأة وبعيران قرأت ذلك بخط القاضي نور الدين علي بن - قاضي المسلمين الخطيب أبي اليمن النويري.