للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعده صبيٌّ صغيرٌ إلى أن هلك في الطاعون الذي كان عندهم سنة تسع وثلاثين فذكرت ذلك هنا تحصيلًا للفائدة، وكانت ولاية إسحق إحدى وعشرين سنة منذ مات أبوه (١).

وفى زمانه حُضِّرتْ دولته بعد أن كانت همجًا، وكان أبوه يركب وهو عريان كزى بقية الحبشة، فصار هذا يركب في الملابس الفاخرة وشعار الملك، والسبب فيه أن قبطيا كاتبا يقال له فخر الدولة فرّ من حادث حدث له فدخل بلاد الحبشة بكتاب البترك، فحظى عند إسحق ورتَّب له أمور المملكة الأموال وصادف دخول أمير من الجراكسة يقال له "ألْطَنْبُغا مَفْرَق" وكان يعرف أنواع العمل بالسلاح والفروسية، فعلَّم جماعةً منهم رَمْىَ النشاب والطعن بالرمح والضرب بالسيف وكانوا لا يعرفون القتال إلا بالحراب، وعمل له زَرْدخَاناه ملأها بجميع آلات السلاح مما كان يجلبه له التجار الذين يترددون إلى بلاده خصوصا عليّ بن التّوريزى الذي ذكرنا (٢) قتله قبل ذلك، وقد ذكرت خبره فيما مضى.

* * *

وفى المحرم جهز أبو فارس عسكرا في البحر إلى جزيرة صقلية فنازلوا أوّلًا "مَازَر" فأخذوها عنوةً، وحصروا مَالِقة فانهزم من جملة الجند العلوج واحدٌ فانهزم بهزيمته جماعة، واستشهد بعض الأعيان ثم تراجعوا وقبضوا على العلج وبعثوه إلى أبى فارس فأمدّهم بجيش.

* * *

وفيها كان الغلاء الشديد بحلب ودمشق، والطاعون بدمشق وحمص.

* * *

وفى يوم الخميس سادس عشرين صفر صُرف كاتبه والعينى عن وظيفة الحكم واستقر فيهما التَّفَهْنى والبُلقيني، واستقر صدر الدين بن العجمي في مشيخة الشيخونية عوض التَّفَهْني، وشُرط على الشافعيِّ عشرة نواب والحنفى ثمانيةٌ، والمالكي ستةٌ والحنبلي أربعة، ولا يُوَلّي أحدٌ من غير مذهبه.


(١) يستفاد مما ورد في النجوم الزاهرة ٦/ ٦٦٤ حاشية L مما علق به بوبر ناشر الكتاب اعتمادًا على ما جاء في Perruchon : Les Chroniques de Zara ya'eqob أن حكم داود إسحق استمر حتى سنة ٨١٤/ ٨١٥ هـ ثم خلفه تودروس حتى سنة ١٨/ ٨١٧، ثم جاء إسحق حتى سنة ٨٣٣/ ٨٣٤ هـ.
(٢) راجع ما سبق، ص ٤٢٦، ترجمة رقم ١٢.