للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[سنة أربعين وثمانمائة]

استهلّت ليلةَ الاثنين، ووصل شاه رخ إلى السلطانية فنزلها، وعَزَم على الإقامة بها حتى يبلغ غرضه من إسكندر بن قَرَا يُوسف.

وفي عاشر المحرّم أعيد لأجنادِ الحلقة ما كان أُخذَ منهم بسبب التّجريدة، وقُبض على التاج بن الخطير، وصُرف من أستادارية ولدِ السّلطان، وقرر عوضه في الوزارة ناظر الخاص.

* * *

وفي حادي عشرينه طَرق ميناءَ الاسكندرية ثلاثة أغربة (١) من الكتلان أخذوا مركبين، فخرج إليهم أقْبَاى النائب، فرماهم حتى استعاد أحد المركبين، وأحرق الفرنجُ الأخرى، وتحارب مركب للجِنْوِيَّة مع مركب الكتلان فانهزم الكتلان.

وفيها حاصر أبو الحسن بن أبي فارس صاحبُ بجاية قسنطينة، فخرج صاحبُ تونس - عثمانُ - إلى قتاله، وهو ابن أخيه.


(١) الغراب نوع من السفن وصفته الدكتورة سعاد ماهر في كتابها البحرية في مصر الإسلامية ص ٣٥٥ - ٣٥٦ بأنه سفينة حربية على شكل طائر، ونزيد على هذا أنه كان معروفا منذ القدم. أي أنه يمكن إرجاعه إلى عهد القرطاجينيين والرومان ومن عاصرهم، وقد جاء في كتاب الإلمام بما قضت به الأحكام المقضية في وقعة الاسكندرية للنويري أنه كان سائدا في البحر الأبيض المتوسط، ويفسر النويري مرة أخرى الغراب بأنه سمي بهذا الاسم لرقته "وطوله وسواده بالأطلية المانعة للماء كالزفت وغيره فصارت تشبه في سوادها الغربان من الطير لسوادها وسواد مناقيرها". وترد الإشارة إليه في قوانين الدواوين لابن مماتي ص ٢٤٠ إذ يقول: "أن أحفله (أي أكبره) ما كان يجره مائة وثمانون مجدافا، وأصغره تجدف به عشرة، وفيه المقاتلة والجدافون، وجاء في كتاب تاريخ بيروت لصالح بن يحيى ص ٢٢٠ "أنه قد عمرت بمصر ثلاثة أغربة ما بين كبار وصغار انضمت إليها أغربة مختلفة في بيروت وطرابلس وذلك لخروجها إلى قبرص سنة ٨٢٧"، ثم يصف هذه الأغربة المختلفة فأكبرها كان بمائة وثمانين مجدافا وأصغرها "بدون المئة"، وقد وصفها الشعر فقال الخفاجي في شفاء الغليل ص ١٤٢.
وركبت بحر الروم وهو كحلية … والموج تحسبه جوادا يركض
كم من غراب للقطيعة أسود … فيه، يطير به جناح أبيض
وقال أيضًا:
غربانها سود، وبيض قلوعها … يَصفَرّ منهن العدو الأزرق
وقد أفاض النخيلي في كتابه السفن الإسلامية في الكلام عن الغراب وغيره.