للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى العشرين من ربيع الآخر استقر برهان الدين الشافعي - قاضي صفد - في كتابة السّرّ بدمشق عوضا عن الشريف، وأُمِر بإحضار الشريف إلى القاهرة وصودر على مال جزيل يقال عشرة آلاف دينار، وكان في نفس السلطان منه وهو أَمير، ثم نقلت كتابةُ السّر من البرهان لحُسَيْن ناظر الجيش فجمع الوظيفتين بعناية صهره أَزبك.

وفى شهر ربيع الآخر وقعت بدمياط كائنةٌ بيْن العرب، وفيه وقعت بالصعيد كائنةً بين العرب من هوارة قُتل فيها أميرُ العرب سليمان بن غَرِيب بنواحي الأَشْمُونين، وعاث العربُ من أَجْلها في البلاد حتى قُتِل الذى توجّه من القاهرة إلى الصعيد يُبَشِّر بسلطنة الملك الأَشرف، فجهز إليهم السلطانُ عسكرًا فلم يظفروا منهم بشيْءٍ لأَنهم فرّوا، فرجع العسكر وقد أَفسدوا في البلاد ببَسْطِ أيديهم إلى بعض الضعفاء، فنهبوا بعضًا وسبوا بعضًا وباعوا الأَحرارَ على أنهم عبيدٌ وإماء، فلا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله.

وفي الثاني عشر من شوال أدير المحمل وخرجَ إلى الحجّ جمعٌ كبير جدا بحيث قُسّموا ثلاثة ركوب، وأمير المحمل ياقوت الحبشي مقدّم المماليك، وأَمير الأَوسط جَانبِكْ، الخزندار، وأَميرُ الأَول أسندمر وخرجوا في تجمّلٍ زائدٍ وأُبّهةٍ كبيرة، ووصل ركب المغاربة. وقاضيهم صاحبنا زين الدين عبد الرحمن البِرْشكِي (١) وانفرد عنهم ركب الينابعة فصاروا خمسة ركوب.

* * *

[ذكر بقية الحوادث الواقعة في هذه السنة]

فيها أُحضر إلى قرقماس الدُّويْدار الثانى امرأَةٌ ادُّعِيَ عليها بدينٍ مطلت به فضَربها، فأخرجت من يدها مكتوبًا بإثبات إعسارها فلم يَلْتَفِت إليه وأَعاد ضرْبها، ثم ضرَبها مرّةً ثالثةً (٢) فماتت، فرُفع الأَمرُ إلى السلطان فأَمر بدفنها وذهب دمها هدرا.


(١) الضبط من ترجمته الواردة في الضوء اللامع ٤/ ٣٤٧.
(٢) أمام هذا الخبر في هامش، بخط البقاعي: "حدثني القاضي شمس الدين محمد بن أحمد بن حسن العينتابي الحنفى الشهير بالأمشاطى أن قرقاس هذا أهان شيخنا الشيخ العالم شمس الدين محمد بن العلامة سيف الدين أبي بكر بن الجندى فدعا عليه بأن لا يموت إلا مضروب الرقبة ممن لا يحسن ليزداد عذابه، فكان كذلك كما سيأتي، وضربت أبشع ضربة".