في ثامن المحرّم حضر المبشر بالصالحية وذكر أنه تَعوَّق بسبب مِقبل، وكان مِقبل قد فرّ من القاهرة فصار ينزل في طريق الحاجّ وربما حصَل مِمَّن يصْحُبه لمن يمرّ به أَذى، وتأَخّر قدوم الحاج عنا العادة يومين، تقدم الأَول في الرابع والعشرين والمحملُ في الخامس والعشرين، وذكروا أَنهم تأَخروا بمنى يومًا من أَجْل بُهَار السلطان، وتأَخروا في وادى مرْوا يوما آخر بسبب حسن بن عجلان لأَنه أُشيع أَنه يدخل مكة إذا خرج الحاج، فأَقام أَمير الحاج ومن معه من الجند يوما حتى تحقَّقوا عدم صحة ذلك.
وفي الرابع عشر منه حضر يوسف بن قطب الدين الحنفى من حلب وأظهر الازدراء بعلماء الحنفية وأَنَّه ليس فيهم مثلُه، فأَمر السلطان بجمع فضلاء الحنفية فحضروا مجلسه، وأُحْضِرت فتاوى كُتِبت من نسخةٍ واحدة، فدفع للشيخ نظام الدين يحيى شيخ الظاهرية واحدة، وللشيخ بدر الدين العينتابي واحدة، وللشّيخ سراج الدّين قارئ الهداية - وهو يومئذ شيخ الشيخونية - واحدة، ولصدر الدين بن العجمى واحدة، وللشيخ سعد الدين بن الدَّيرْي - شيخ المؤيدية وكان استقر فيها بعد موت أَبيه - واحدة - وللشيخ يوسف واحدة، وأَمر أَن يكتبوا عليها منفردين، فأَجابوا إلى ذلك إلا يوسف فقال:"أَنا لا اكتب إلَّا بمنزلى" فسجَّلوا عليه العجز وكتبوا كلهم غيره.
ودَفع السلطان لقاضي الحنفية زين الدين التفهي الفتاوى لينظر مَن أَصاب منهم مِمَّن أَخطأَ، وانفصل الأَمر على ذلك.
وفى يوم الجمعة سادس عشر المحرم وصل طُوخ الذي كان توَجَّه أَميًرا على العسكر المجهز إلى مكة في العام الماضي نجدةً لقرقماس وعلى بن عنان، فأَخبر أَن الركبَ تأَخر خروجُهم من مكة يومين بسبب أَن التجار سأَلوا أَميرَ الركب أَن يتأَخرّ ففعل، وتوجَّه مَن في الركب الأَول والثانى مع قُرْقُمَاس فأَوقعوا بابن حسن بن عجلان، وجُرح من الطائفتين جماعة وانهزم ابن حسن.