أكمل الدين وبرهان الدين بن جماعة، ويقال إن السلطان كان توعك فأشاروا عليه بذلك فاتفق أنه عوفي فأمضى ذلك واستمر.
وفيها توقف النيل عن الزيادة وأبطأ الوفاء إلى أن دخل توت أول السنة القبطية، ووقع الناروز قبل كسر الخليج حتى قال بدر الدين ابن الصاحب:
ناروز مصر بلا وفاء ... يعد صفعا بغير ماء.
واستمر التوقف إلى تاسع توت فاجتمع العلماء والصلحاء بجامع عمرو بن العاصي واستسقوا، وكسر ذلك اليوم الخليج عن نقص أربعة أصابع من العادة، ثم توجهوا إلى الآثار وأخذوها إلى المقياس فأقاموا من قبل العصر إلى آخر النهار يتوسلون إلى الله تعالى ويبتهلون ويستسقون، فلم يزدد الأمر إلا شدة، ثم نودي بصيام ثلاثة أيام، وخرجوا في ثالث ربيع الآخر إلى الصحراء مشاة، وحضر غالب الأعيان ومعظم العوام وصبيان المكاتب ونصب المنبر، فخطب عليه شهاب الدين ابن القسطلاني خطيب جامع عمرو وصلى صلاة الاستسقاء ودعا وابتهل وكشف رأسه، واستغاث الناس وتضرعوا، وكان يوماً مشهوداً، وفي صبح هذا اليوم اجتمع العوام بالمصاحف وسألوا أن يعزلوا علاء الدين بن عرب عن الحسبة، فعزل واستقر عوضه بهاء الدين بن المفسر وأضيفت إليه وكالة بيت المال ونظر الكسوة، ثم عزل في أثناء السنة وأعيد علاء الدين، فاتفق وقوع أمطار كثيرة بحيث زرع الناس عليها البرسيم، وكان في الصعيد أيضاً مطر غزير زرع الناس عليه بعض الحبوب،