للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة أربع وسبعين وسبعمائة]

فيها اشتد الحر بوادي الأخيضر (١) على الحاج الشامي وهم رجوع، فمات منهم جماعة عطشا، وكان السبب في ذلك أَن أَمير الحاج في الذهاب ضرب الموكلين بعمل (٢) الفساق بسبب قلة ما بها من الماء، فلما عاد الحاج لم يجدوا أُولئك ملأوا الفساق شيئًا أَصلا حِقْدا منهم على ما صُنع بهم، وكان في ظن الحاج أَنهم يجدون الفساقي ملآى فقدموا معتمدين على ذلك حتى إن بعضهم سقى بقية ما معه من الماء للجمال، فلما وصلوا ولم يجدوا الماء اقتتلوا على البئر، فمات منهم خلقٌ كثير من الزحمة ومن العطش، ومات بعد ذلك منهم أكثر ممن قُتل بالعطش.

وفيها كان الوباءُ (٣) بدمشق فدام قدْر ستة أَشهر، وبلغ العدد في كل يوم مائتي نفر (٤).

وفي ربيع الآخر (٥) الموافق تشرين الأَول زادت الأَنهار بدمشق فسُدّت أَبوابها فانكسر بعضها فانقلب على نهر بردي، فتلف بسبب ذلك شيء كثير وبطلت طواحين كثيرة وحمامات.

وفيها (٦) ولي صلاح الدين بن غرَّام نيابة (٧) الاسكندرية عوضا عن شرف الدين موسى الأَزكشي (٨)، وكانت ولاية الأَزكشي في هذه السنة أَشهرًا.


(١) أَحد وديان مكة ويسلكه الركب المصري عادة في طريقه إلى الحج، وكذلك الشامي ولكن في قليل من الأحيان.
(٢) في ل، ع، ك، ز "على".
(٣) وصف العيني في كتابه تاريخ البدر، ورقة ٨٦ أ. هذا الوباء فقال إن أناسا كثيرين هلكوا فيه بالكبة والخيارة.
(٤) راجع العيني: وشذرات الذهب ٦/ ٢٣٠.
(٥) في ع، ز "ربيع الأول" وهو خطأ، إذ ورد في التوفيقات الإلهامية، ص ٣٨٧ أن ربيع الثاني كان من ٣٠ سبتمبر حتى ٢٨ أكتوبر ١٣٧٢.
(٦) وذلك في يوم الخميس ثاني شعبان، راجع السلوك، ورقة ٧٥ ب.
(٧) صارت الإسكندرية نيابة منذ أن طرقها القبارصة وخربوها عام ٧٦٨ هـ، وكانت قبل ذلك ولاية، انظر حسن حبشي: هجوم القبارصة على اسكندرية سنة ٧٦٧ هـ.
(٨) لم يرد في ترجمة موسى بن الأزكشي ما يفيد أنه تولى الإسكندرية نيابة أو ولاية، ومن ثم تنفرد الأنباء بهذا الخبر، إذ الوارد في النجوم الزاهرة ١١/ ١٠٤ - ١ أنه استقر في أيام الأشرف شعبان مشيرا للدولة، راجع أيضا ٢٥٥١. Wiet : Les Biographies du Manhal، No