يَعزِل نقيبه المذكور فصرفه، وأَمر أَن يقتصر نوابه على ستة أَنفس، وأَن يقتصر الحنفى على ثمانية، وأَن يقتصر الحنبلي على أَربعة فأَطاعوا كلهم إلا الحنبليّ فلم! يصرح بعزل أَحدٍ من نوابه وكانوا ثمانية.
وفيه حضر مملوك أَيْتُمُش الخضرى وزعم أَن بالمحلة كنزا فيه مائة أَلف إردب دنانير، فسلّمه السلطان للأُستادار، فكشف الأَمر فلم يوجد لما قاله صحة، وشُهِد فيه بأَنه خفيف العقل.
وفيها رام نائب الشام من متْرُوكٍ شيخ العرب بالشام أَن يحضر إلى طاعته فامتنع وبذل له مالًا فأَبى، وقصده بالمحاربة ففرَّ فأَعجزه تحصيله، وفسد الدرب بسبب ذلك، وكانت الطرق آمنة.
وفى سادس شعبان مات تَانِي بك نائب الشام واستقر عوضه تانى بك البِجَاسي نقلًا من نيابة حلب إلى نيابة الشام.
وفي رمضان أَمر السلطان بإحضار العلماء لسماع "صحيح البخاري"، بالقلعة فهرعوا لذلك وكثر الجمع جدا، وممن حضر الشيخ شمس الدين بنُ الدَّيْرى شيخُ المؤيدية الذي كان قاضيًا قبل ووقع بينه وبين ابن المُغْلى قاضى الحنابلة مباحث أَدَّت إلى مشاققة، فلما كَثُر اللَّغط أَفرد الطلبة بمجلسٍ بالقصر الأَسفل والقارئ لهم الشيخ سراج الدين قارئ الهداية، وعَيَّن السلطان من النبهاء عددًا يسيرا يحضرون بالقصر الأَعلى ويحضرهم السلطان، فاستمر الأَمر على ذلك سنين، ثم كثر لغط الذين يحضرون وزجروا مرارا فلم ينزجروا، فأَمرهم السلطان بالقراءة في داخل القصر الأَسفل، وصار هو يحضر في شباكٍ منفردًا يشرف عليهم، وكان ابتداء ذلك في سنة أربعٍ وثلاثين بعد أَن كان يقعد بينهم ساكنًا لا تتحرك له يدُ ولا رِجْل، وتقرّر الشيخ بدر الدين الكُلُوتَاتِى الحنفى يقرأ بين يَدىْ الشيخ سراج الدين قارى الهداية كل يوم في القصر البراني الكبير.
وفي شعبان واطأَ جَانِبَك الصوفىّ السجانَ بحبس الإسكندرية فهرب معه، ولما وصل الخبر بذلك اضطرب العسكرُ وانزعج الناس ونُدِب طائفة للتفتيش عليه، ودام ذلك مدةً،