وفيها سارت الهدية من مصر إلى بلاد العجم لملكها شاه رخ بن اللنك، وكان أرسل يسأل في أن يؤذن له في كسوة الكعبة من داخل فكتبت أجوبته.
وفي ربيع الأول جهز السلطان إلى مكة عسكراً. وفيه أرسل الشيخ محمد بن قديدار ولده إلى صاحب قبرس يسأل أن يطلق من عنده من أسرى المسلمين ليسعى له في التمكين في زيارة القمامة، فعوق ولده فضج الشيخ من ذلك وكان من غزو المسلمين قبرس ما سيأتي ذكره، وكمل الغراب الذي أنشأه السلطان لغزو الفرنج وأنزل البحر وكان يوماً مشهوداً. وفيه وصل رسل قرايلك من التركمان......
وفي سابع عشر ربيع الآخر قدم نائب الشام فخلع عليه وأعيد إلى إمرته على عادته، وشفع في طرباي بأن يطلق من سجن الإسكندرية إلى دمياط، فأجيب إلى ذلك، ووقع في العشر الأخير من أمشير حر شديد حتى نزع الناس الفراء والجوخ وظنوا أن الشتاء انقضى، فلم يكن إلا خمس ليال حتى عاد البرد أشد مما كان. وفي هذا الشهر أوقع قرقماس أمير الحجاز بأهل الطائف وذلك لأنهم قطعوا الميرة عن مكة، فأذعنوا له وحصل بمكة أمن كثير ورخاء زائد.
وفيه توجه الشيخ شمس الدين ابن الجزري إلى بلاد اليمن، فأكرمه ملكها وسمع عليه الحديث وأنعم عليه بمال وأطلق له كثيراً من تجارته بغير مكسها، ورجع في البحر كما سافر منه، وعجب الناس من شدة حرصه مع كثرة ماله وعلو سنه.