للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسئل أمير الركب آقبغا التركماني أن يقيم بالأزلم حتى يتكامل الذين سلموا من الموت فامتنع ورحل من أوّل النهار، فهلك الذين وصلوا بعدهم إذ لم يجدوا من يرفدهم، ومات أكثرهم، فكانت قصّة شنيعة، وتوصّل بعضهم إلى عيون القصب فركب البحر من جزيرة (١) عينون ودخل الحاج أولا فأوّلا.

وأول من وصل: الترك الذين كانوا بمكة فى العام الماضى ومعهم جمعٌ كثير في الحادي والعشرين، وكان وَصَل قبلهم طائفة في السابع عشر فقدموا من المويلحة، ووصل جماعة تقدّموا من نخلى (٢) في الثاني والعشرين.

ودخل الركب الأول فى الثالث والعشرين والمحمل فى الرابع والعشرين، وانطلقت ألسنتهم بِذمّ أمير (٣) الركب، وأنه كان السبب فيما صنع عرب بَلى، لكونه أرسل أحدَ الرئيسين مبشرا، وزنجر (٤) الآخر، فغضب قومُه وفعلوا مافعلوه، ولم (٥) يعاتَبْ أميرُ الركب فضلًا. عن أن يعاقَبْ، ثم تبينَ أن العرب الذين حملوا البهار سَلِمُوا، ووصل معهم جمْعٌ كثير من الحجاج، وذكروا أن بقيَتهم ركبوا البحر، وأنه لم يمت منهم إلّا القليل.

وفيه استقر كل من عبد الرزاق الطرابلسي (٦) وسراج الدين العبادي إمامين للسلطان فصاروا خمسة، وكان عبد الرزاق إمامه قبل السلطنة.


(١) الوارد في مراصد الاطلاع ٢/ ٩٧٩ أن "عينون" قرية من وراء البثينية من دون القلزم في طرف الشام كذلك في ياقوت الحموي الذي زاد في "التعريف" بها نقلا عن البكري حيث قال: "هي قرية يطؤها طريق المصريين إذا حجوا"، ولكنه لم يشر إلى أنها جزيرة.
(٢) عرفه مراصد الاطلاع ٣/ ١٣٦٥ بأنه واد في حدود ينبع.
(٣) كان أمير حاج المحمل يومذاك هو أقبغا من مامش الناصري المعروف بالتركماني.
(٤) أي وضعه في الحديد، وليس في اللغة العربية الفصحى ما يحمل هذا المعنى، فقد ورد في الوافي للبستاني "زنجر" الرجل أى قرع ظفر إبهامه بظفر سبابته وأن الزنجير والزنجيرة البياض الذى على أظفار الأحداث وقد ذكر لنا صديقنا الاستاذ شلتوت أن "الزنجير أو الزنجار لفظ فارسي يعني السلسلة من الحديد توضع في العنق أو اليدين عقوبة ويحرف فيقال الجنزير والفعل منها جنزره اى وضع الجنزير في عنقه. وانظر استعمال هذا اللفظ في النجوم الزاهرة ١٥/ ٣٨٩، ٤١٤، ٤١٨، ٤٢١ وفهرس الألفاظ الاصطلاحية به والمنجد: جمزر وزنجر.
(٥) فسرت النجوم الزاهرة ١٥/ ٢٣٢ هذا السكون بأن كل واحد من كبار رجالات الدولة يومذاك كان في شغل بما يرومه من الوظائف والاقطاعات.
(٦) الوارد في ترجمة عبد الرازق بن حمزة الطرابلسي بالضوء اللامع ٤/ ٤٨٩ انه عمل إماما لجوهر اللالا، ولم يرد قط في هذه الترجمة ما يشير إلى أنه كان إماما لجقمق سواء قبل السلطنة أو بعدها.