عبد العزيز أنه قَطع عليه الطريق وأَخذ قماشه ونَهب ما معه من الورق والمستندات، فادّعى عليه الباعوني أَنه حكم عليه بما حكم به مع ثبوت العداوة بينهما، وكان قد أثبت ذلك على قاضي القدس الشافعي ونفذها له المالكي بدمشق، فأَنكر عبد العزيز العداوة فحكم عليه المالكي بثبوتها عنده، واقتضى الحالُ تعزيره فعُزِر فكَشَف رأْسه، ثم توجه المذكور إلى بغداد فأَقام بها وولى قضاءَها، وكان ما سنذكره.
وفيها مات الطاغية تمرلنك الخارجى في سابع عشر شعبان بعلة الإسهال القولنجى وله تسع وسبعون سنة، وكان نصِفُه بطالا، وقد أَباد البلادَ والعباد، وأكثر في الأرض الفساد، ولم يكن له في عراق العجم منازع، ثم ملك عراقَ العرب ودخل البلادَ الشامية فملكها إلا اليسيرَ منها، ثم دخل الرومَ فحارب المسلمين بها، وترك الفرنج، ودخل الهند قبل ذلك فحارب المسلمين بها وترك الكفار، وعَزَم في آخر عمره على الدّخول إلى الصين فمصى في الشتاء فهلك من عساكره أُمم لا يحصون فرجع إلى سمرقند، فأَخذه أَسْرُ البول فتمادى به حتى هلك بالقولنج وأَراح الله منه.
وفى أَواخر هذه السنة وعك السلطانُ إلى أَن أشرف على الموت، ثم فرج الله تعالى عنه وتعافى.
* * *
[ذكر من مات في سنة سبع وثمانمائة من الأعيان]
١ - أحمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد الأنصاري أبو اليسر، محيى الدين بن تقي الدين بن نور الدين الصائغ الدمشقى نزيل الصالحية، وُلد سنة تسعٍ وثلاثين في جمادى الآخرة، وسمع من الوادى آشى وأَحمد بن علي الجزري وزينب بنت الكمال بعنايةِ أَبيه فأَكثر، وسمع من زين الدين بن الوردي، وعنى بالأدب والتاريخ، وطلب بنفسه وكتب الطباق، وتخرّج بابن سعد وتفرد بأَشياءَ سمعها وكان حسن المذاكرة. سمعْت منه بدمشق وكان عسرا في الرواية. مات في شهر رمضان.