للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة تسع عشرة وثمانمائة]

استهلَّت والغلاءُ بالقاهرة مستمر.

وفى ثانى المحرم أَرسل السلطانُ فارس الخازندار الطواشيَّ بمبلغٍ كبيرٍ من الفضة المؤيّدية فَرّقها على الجوامع والمدارس والخوانق، فكان لكل شيخٍ عشرةُ دنانير وإِردبُّ قمح، ولكل طالبٍ أَو صوفيٍّ أَربعة عشر مؤيديا، ومنهم من تكرّر اسمه حتى أَخذ بعضهم في خمسة مواضع، ثم فرّق في السوّال مبلغًا كبيرًا، لكل واحدٍ خمس مؤيدية فكان جملة ما فرق أَربعة آلاف دينار، ثم رسم بتفْرقة الخبز على المحتاجين فانتهت تفرقته في كل آلاف ستةَ آلاف رطل، واستمرّ على ذلك قدْر شهرين.

وتناهى سعرُ القمح في هذا الشهر إلى ثمانمائة درهمٍ الإِردب.

وقرّر السلطانُ في الحسبة الشيخ بدر الدين العينتابي وأَضاف إِليه إِينال الأَزْعَرى وذلك في الخامس من المحرّم، وأَلزم الأُمراءَ ببيع ما في حواصلهم فتتبَّعَها إِينال.

وفى سادس المحرّم وردت عدة مراكب تحمل نحو أَلفَيْ إِردب قمح، فركب إِينال ليفرّقها مع المحتسب، فاجتمع خلْق كثير فطرد الناسَ عن القمح خشيةَ النهب فتزاحموا عليه فَحمَل عليهم، فمات رجلٌ في الزحمة وعرقت امرأَة، وعمد إِينال إِلى أَربعة رجال فصلَبهم وضَرب رَجُلين ضربًا مبرحا، ونُهب للناس في هذه الحركة من العمائم والأَردية شيءٌ كثير، وسالت أَدميةُ جماعةٍ من ضرب الدبابيس (١).

وفى الثاني عشر من المحرّم سُفر الخليفة المستعين إِلى الإسكندرية فسُجن بها وسُفر معه أَولاد الناصر فرج وهم: فرح ومحمد وخليل (٢)، وكان الذي سافر بهم صهر كاتب السرّ


(١) الدبوس عصاة في آخرها حديدة مدببة.
(٢) أمام هذا الاسم في نسخة ش بغير خط الناسخ: "توفى خليل هذا في العشر الأول من جمادى الآخرة سنة ٨٤٨ بدمياط، ونقل إلى القاهرة ودفن بتربة جده الظاهر برقوق بالقاهرة بعد أن حج في السنة التي قبلها" وأمام هذا في نسخة ث جاء: "خليل هذا هو ابن فرج الناصر، وأمه أم ولد مولدة اسمها ....... وكان بقى في سجن الإسكندرية إلى أن أحضره هو ومحمد إلى القاهرة لأجل تختينهما بسؤال عمتهما الخوند زينب زوجها الملك المؤيد شيخ فختنا بقلعة الجبل عندها، ثم أعيدا إلى الإسكندرية وسجنا على عادتهما، فمات محمد في طاعون سنة =