وفي رمضان خسف جرم القمر بعد العشاء حتى أظلم الجو وأوفى النيل في ثاني عشر مسري وانتهت الزيادة إلى تسعة عشر ذراعاً.
وفي ذي الحجة استقر علاء الدين ابن الطبلاوي في نظر المارستان عوضاً عن كمشبغا.
وفيها رجع اللنك بعساكره من بلاد الدشت بعد أن أثخن فيهم، فوصل إلى سلطانية في شعبان، ثم توجه إلى همذان فأمر بالإفراج عن الملك الطاهر صاحب ماردين، فوصل إليه في رمضان، فتلقاه واعتذر إليه وأضافه أياماً، ثم خلع عليه وأعطاه مائة فرس وجمالاً وبغالاً وخلعاً كثيرة، وعقد له لواء، وكتب له ستة وخمسين منشوراً، كل منشور بتولية بلد من البلاد التي كان تمر فتحها في سنة ست وتسعين ما بين أذربيجان إلى الرها، وشرط عليه أنه يلبي دعوته كلما طلبه، فتوجه في ثالث عشرين رمضان، فدخل ماردين في حادي عشر شوال، فخشي نائب القلعة الطنبغا أن يقبض عليه ويسيره إلى اللنك ففر منه؛ فتوجه المنصور أخو السلطان يخبر الظاهر، فأكرمه وقرر له راتباً وأقام بمصر.
وفيها اشتد الغلاء بالقاهرة وأكثر السلطان من الصدقات وعمل الخير وفرق الذهب والفضة، وخرج البلقيني بالناس إلى الجامع الأزهر فدعا برفع الغلاء وكانت ساعة عظيمة وكان ذلك في نصف جمادى الأولى، وصادف وصول غلال كثيرة وفي صبيحة ذلك اليوم، وانحط السعر قليلاً ثم انحط إلى أن بيع الإردب بخمسين، ثم انقطع الجلابة للخسارة فتزاحم الناس على الخبز، فأمر ابن الطبلاوي بالتحدث في السعر، ثم تزايد القحط واختفى المحتسب ورجع القمح إلى مائة وعشرين فاستقر البخانسي.
وفي شهر ربيع الآخر توجه نوروز الحافظي رأس نوبة إلى الصعيد، فأحضر علي بن غريب أمير هوارة وأولاده وأهله وإخوته وأقاربه وتمام أربعة وثلاثين نفراً من أكابر عربانه، فأمر السلطان بسجنهم فلما تسامع بذلك عربانه وثبوا على قطلوبغا الطشتمري النائب بالوجه القبلي، فقتلوه وتجمعوا وتوجهوا إلى أسوان وتوافقوا مع أولاد الكنوز ودخلوا أسوان على حين غفلة، فهرب واليها حسين إلى النوبة فنهبوا بيته ونهبوا البلد،