للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة تسع وتسعين وسبعمائة]

فيها حضر أَلطنبغا الماردانى - صاحب ماردين - إلى القاهرة فأَكرمه السلطان، وقد قَدَّمْتُ شرح حاله في السنة الماضية، وكان قدومه في المحرم.

وفيها وصلت كتب من جهة تمرلنك فَعُوِّقت رسله بالشام وأُرسلت الكتب التي معهم إلى القاهرة ومضمونها التحريض على إرسال قريبه أَطلمش الذى أَسره قرا يوسف كما تقدّم، فأَمر السلطان أطلمش المذكور أَن يكتب إلى اللنك (١) كتابا يعرّفه فيه ما هو عليه من الخير والإحسان بالديار المصرية، وأَرسل ذلك السلطان أَجوبته ومضمونها: "أَنك إذا أَطلقتَ مَن عندك من جهتى أَطلقت مَن عندى مِن جهتك، والسلام".

* * *

وفى صفر سأَل محمود الأستادار الحضور بين يدى السلطان، فترافع هو وكاتبه - سعد الدين بن غراب - الذي استقرّ ناظر الخاص، فلم يفده ذلك شيئًا، وتسلمه شادّ الدواوين ورجع فبالغ في أَذيته وعقوبته، ثم حُبِس بخزانة شمائل في أَوائل جمادى الأُولى حتى (٢) مات في تاسع رجب منها، ويقال إنَّه خُنِق، وأَنه لما تحقق أَنه أُمر بسجنه في الخزانة وأَن ذلك يفضى به إلى القتل استدعى بقجة كبيرة فيها وثائق بديون له على كثير من الناس - كان قد استوفى أَكثرها - فغسلها كلها، ويقال إن جملة ما أُخِذ من موجوده قبل وفاته أَلف أَلف دينار ومائتا أَلف دينار، ومن الفضة أَلف أَلف درهم وخمسمائة أَلف درهم خارجًا عن العروض،. فلَعلَّها كانت تساوى قدر الفضة.

وكان في أَول أَمره يخدم عند أُمراء الإسكندرية كالجندار، ثم صار يتولَّى شدّ الإقطاعات عند بعض الأَجناد ثم عند الأُمراءِ، ثم ترقى إلى أَن استقر شادّ الدواوين، ثم ولاه الظاهر الأستادرية الكبرى فباشرها بمعرفةٍ ودهاءٍ إلى أَن خضع له أَكابر أَهل الدولة ثم تقلَّبت به الأَحوال إلى هذه الغاية.

* * *


(١) في ز، ل "قريبه".
(٢) من هنا حتى نهاية خبر الأستادار محمود غير وارد في ظ.