للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[سنة ثلاث وثمانمائة]

خرجْتُ من دمشق أَول يوم منها.

وفى الثاني منه وصل توقيعُ القاضي علاء الدين بن أَبي البقاء (١) فقُرئ وباشر قضاءَ دمشق.

ودخلت هذه السنة والناس في أَمر مريع من اضطراب البلاد الشمالية بطروق تمرلنك، وفى كل وقتٍ ترد أَخبارٌ مغايرة لما قبلها، وكان وصوله إلى سيواس في السنة الماضية كما تقدّم فحاصرها مدةً، ونقب سورها وقتل جمعًا ونهب الأَموال، وذلك في أَول يوم من السنة، حتى قيل إنه دفن من أَهل سيواس ثلاثة آلاف نفس وهُمْ بالحياة.

ثم نازل بهسنا في صفر، ثم توجه إلى ملطية فأَباد من فيها، ثم وصل إلى قلعة الروم فقوى عليه (٢) صاحبها فتركها وتوجّه إلى جهة حلب، فوصل عينتاب في أَواخره، وراسل نائبَ حلب يستحثّه على القدوم بعساكر الشام لدفع تمرلنك، ثم وصل كتابه إلى نائب حلب يقول فيه: "إنَّا لما وصلنا في العام الماضي إِلى البلاد الحلبية لأَخْذِ القصاص من قَتْل رسلنا بالرحبة بلغنا موته [يعنى الملك الظاهر] وبلَغنا أَمرُ الهند وما هم عليه من الفساد، فتوجّهنا إِليهم، فأَظفَرَنا اللهُ تعالى بهم، ثم (٣) رجعنا إِلى الكرج فأَظفرنا الله بهم، ثم بلغّنا قلة أَدب هذا الصبيّ ابن عثمان فأَردْنا عرْك أذنه، ففعلنا بسيواس وغيرها من بلاده ما بلغكم أَمرهُ، ونحن نرسل الكتب إلى مصر فلا يعود جوابُها، فنعلمهم أَن يرسلوا قريبنا أَطلمش، وإن لم يفعلوا فدماء المسلمين في أَعناقهم والسلام".


(١) يقصد بذلك بدر الدين محمد بن محمد بن عبد البر بن تمام السبكي، وكان موته أيضًا في هذه السنة، راجع ابن طولون: قضاة دمشق، ص ١١٧ - ١١٩.
(٢) غير واردة في ك، ز.
(٣) عبارة "ثم رجعنا إلى الكرج فأظفرنا الله بهم" غير واردة في ز.