الناصر يظهر الخرس إلى أن أقبلت الدولة المؤدية وتكلم، فعد ذلك من قوة تمكنه من عقله، وعظيم جلده وصبره، ولم يمتنع أيضاً من الكتابة، بل كتب مع فساد بعض أصابعه لكن دون خطه المعتاد.
وفي سابع رجب أعيد ابن شعبان إلى الحسبة وعزل الطويل؛ ثم عزل ابن شعبان واستقر محمّد بن يعقوب الدمشقي في ثامن عشر من رجب، ثم صرف في ثاني شعبان واستقر كريم الدين الهوى.
وبلغ النيل في هذه السنة في الزيادة إلى اثنين وعشرين ذراعاً، وكسر الخليج في أول يوم من مسرى وثبت إلى نصف هاتور، وبلغ سعر القمح من ذلك في شعبان إلى ثلاثمائة الإردب، والشعير والفول إلى مائتين، والحمل التبن إلى مائة وعشرين.
وفي شعبان قبض الشيخية بدمشق على الإخنائي قاضي الدمشقية وكانوا قد نقموا عليه فكاتبه نوروز فسجن بالقلعة، ثم هرب منها إلى صفد، فأكرمه النائب بها من جهة الناصر، وهو شاهين الزردكاش، وأرسل الإخنائي إلى الناصر يغريه بالأمير شيخ ويحثه على سرعة الحركة إلى الشام.
وفي أواخر شعبان فوض شيخ خطابة جامع دمشق لشرف الدين التباني وكان قد فر من القاهرة إليه في أواخر العام الماضي، فأنكر الشاميون ذلك، لعهدهم أن الخطابة إنما هي للشافعية، فكاتبوه بذلك، فاستناب الباعوني وباشر شرف الدين التباني مشيخة السميساطية خاصة، وأضيف إليه درس الخاتونية، وتصدر بالجامع الأموي.
وفي مستهل رجب قبض على نصراني فادعى عليه أنه كان أسلم، وأقيمت عليه البينة بذلك فاعترف فعرض عليه الإسلام فامتنع فضربت رقبته بين القصرين.