للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة سبع وثلاثين وثمانمائة]

أوَّلها الثلاثاء بلا نزاع (١) فإنَّ الهلال غاب ليلةَ الثلاثاء قبل العشاء نحو نصف ساعة، وفى الحساب أوّلها الاثنين.

وفى أوّل يومٍ منها أوفى (٢) النيل ثم كُسر الخليج في يوم الأربعاء الثاني منه، واستمرّت الزِّيادة إلى يوم وصول العسكر، واستَهلت ونحن بالطريق إلى غزَّة، ورحل السلطان منها يوم الخميس يوم عاشوراء وساق إلى الطريق التي توجّه فيها، وأرسل إلى القدس خمسة آلاف دينارٍ صدقةً، وكان الوصول إلى بلبيس يوم الجمعة ثامن عشره، ومات ما بين غزة وبلبيس من الجمال والبغال والحمير والخيول مالا يحصى كثرةً بحيث صارت الأرض منتنةَ الرّيحة مع شدة (٣) الحر، ووصل (٤) إلى الخانقاه بسر ياقوس ليلةً السبت فأصبح فدخل القاهرة في موكبٍ عظيمٍ جدًا، وشقَّ القاهرةَ وأمامه الخليفةُ والقضاةُ والأُمراءُ، وزُينَت له المدينة، وبعد يومين وصل الحاج وأخبروا بالرخاء والأمن وأنه مات منهم في طريق المدينة خلقٌ كثيرٌ من شدة الحر، وأمطرت السماء مطرًا غزيرًا فنقص النيل نقصًا فاحشًا وكان انتهى إلى سبعة عشر إصبعًا من ثمانية عشر ذراعًا فبادروا إلى كسر سد الأمبوبة وظهر النقص فيه وانكشف كثير من الأراضى واستشعر الناس الغلاء فبادروا إلى خزن الغلال والله المستعان، ثم تراجعت الزيادة إلى أن نودى بإصبع من ثمانية عشر ثم عاد النقص. وأظنه لكسر الصليبي، فنودي في يوم الأحد رابع (٥) صفر الموافق لثالث عشرى توت بإصبع لتكملة ستَّةَ عشر إصبعًا


(١) يتفق هذا مع ما ورد في التوفيقات الإلهامية ص ٤١٩، وكان أولها يعادل ٢٥ مسرى سنة ١١٤٩ ق، ١٨ أغسطس ١٤٣٣.
(٢) أشارت التوفيقات الإلهامية، ص ٤١٩، إلى أن النيل زاد في هذه السنة مرتين إحداهما في أوائلها والثانية في أواخرها، ثم إنه زاد بعد الوفاء ثمانية أصابع، ثم في ثالث يوم من الوفاء زاد خمسة عشر إصبعا "وعدت هذه الزيادة من النوادر"، راجع أيضا تقويم النيل.
(٣) كان الوقت إذ ذاك فى النصف الثاني من شهر أغسطس ١٤٣٣.
(٤) المقصود بذلك السلطان.
(٥) في الأصل"خامس"، ولكنه في نسخة هـ "عاشر صفر" وهو خطأ لما يترتب عليه من أن يكون الجمعة أول صفر، أي أن شهر المحرم كان ٣١ يوما وهو ما لا يمكن حدوثه قط فى الشهور العربية، والصواب أن يكون أول صفر هو يوم الخميس ومن ثم يكون الأحد رابعه وهو يطابق الثالث والعشرين من توت سنة ١١٥٠ ق، أنظر التوفيقات الإلهامية، ص ٤١٩.