للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة احدى وثمانين وسبعمائة]

فيها وصل الحجاج إلى الأَزلم فلم يجدوا بها الإقامة على العادة، فوقع فيهم الغلاء الشديد، وكان السبب في تأخير الإقامة أَن العرب الذين جرت عادتهم بحملها نُقل لهم عن عرب بُلَىّ أَنهم أَرادوا نهب الإقامة فتأَخروا بمغارة شعيب، فوصل الحاج إلى المويلحة فلم يجدوا شيئًا ثم عيون القصب فلم يجدوا شيئا، فغلا (١) السعر حتى بيعت الويبة الشعير بإثنين وتسعين درهما، قيمتها حينئذ تزيد على خمسة دنانير هرجة؛ ومات من الجمال شيءٌ كثير، وقاسى الحجاج مشقة شديدة، وتأَخّروا عن العادة خمسة أَيام.

وفي رابع عشرى المحرم (٢) استقر قرط (٣) بن عمر التركماني الكاشف نائب السلطنة بالوجه القبلى وابنه حسين والى قوص، وأَوقع قرط فى ربيع الآخر بالعرب فكسروه وقتلوا عددا (٤) من مماليكه، ثم عاد فانتصر عليهم وقتل منهم مقتلةً وأَرسل رءُوسًا من القتلى إلى القاهرة فعُلِّقَت (٥).

وفيها توجه فخر الدين أَياس في طلب برهان الدين بن جماعة (٦) لشكوى الناس من سيرة ابن أَبي البقاء، فوصل في أَواخر صفر فخرج بركة لملتقاه وطلع صحبته إلى برقوق ونزل آخر النهار في صهريج منجك، ثم طُلب صبيحة قدومه إلى القلعة وخُلع عليه، ونزل في موكب حافل في ثلاثة عشر من الأُمراء الكبار، فارتجت له القاهرة بحيث كان أَعظم من يوم المحمل وباشر بحرمة ومهابة أَعظم من المرة الأُولى واستعاد من البلقيني تدريس الشافعي،


(١) عبارة "فغلا السعر .... دنانير هرجة" في السطر -غير واردة في ظ، وإنما أضيفت من نسخ المخطوطة الأخرى، هذا وقد ذكر المقريزى فى السلوك، ورقة ١١٧ ب، أن ويبة الشعير بلغت خمسين درهما فضة ثم تزايد سعرها حتى بلغت الضعف.
(٢) "شعبان" فى النجوم الزاهرة (ط. بوبر) ٥/ ٣١٥.
(٣) اقتصرت نسخ ل، ك، ز، هـ على تسميته بقرط فقط.
(٤) "عدة" فى ل.
(٥) "وتعلقت" في ل.
(٦) وكان إذ ذاك في القدس، راجع السلوك، ورقة ١١٩ ا.