للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُتِل السعيد، وأعقَبَ ذلك الوباءُ والغلاءُ بمدينة فاس والمغرب كله، فولى السعيد على فاس رجلًا سامهم سوء العذاب، ثم أرسل أبو سعيد إليها رجلًا من أقاربه يُقال له "صالح بن صالح" فتناهى في الظلم، وفشا فيهم الموت وبلغ ذلك الفرنج فعمروا عليهم عدّة مراكب، فجَيَّشَ (١) صالح أهل الجبال وأنزلهم على البلد، فرجع الفرنج إلى جزيرةِ بيْن سبتة وجبل الفتح تسمّى "وطرف القنديل" فأقاموا بها، وطال الأمر على أهل الجبال وظنّوا أن الفرنج رجعوا إلى بلادهم، وقلَّت على أهل الجبال الأزواد فتفرّقوا، فبلغ ذلك الفرنج فنازلوا أهل سبتة فقاتلوهم فغَالَبَهم بالكثرة وملكوا منهم الميناء، فخرج المسلمون بأهلهم وأموالهم وما قدروا عليه، فدخل الفرنج البلد في سابع شعبان من هذه السنة ونقلوا ما كان بها حتى الكتب العلمية و كان بها منها شيءٌ كثيرٌ إلى الغاية، ونقلوا ما وجدوا بها من الرخام والآلات والأمتعة حتى الأنوال وتركوها قاعًا خرابًا ومع ذلك فهى بأيديهم، فلا قوّة إلا (٢) بالله.

* * *

[ذكر من مات في سنة سبع عشرة وثمانمائة من الأعيان]

١ - أحمد (٣) بن أحمد المقرئ الحلبي (٤)، اعتنى بالقرآن وكان يقرئ بمسجدٍ يجاور الشاذبختية بحلب مدّة، ثم تحوّل من حلب إلى القدس قبل الوقعة العظمى وانتقل


(١) في هـ، ك "فحصر".
(٢) أمام هذا الخبر في هامش هـ ما يلى: "أرسل أهل ستة قصيدة يستنجدون فيها أهل الإسلام من أهل مصر وغيرهم أولها:
حماة الهدى سبقا وإن بعد المدى … فقد سألتكم نصرها ملة الهدى
وهي في غاية الجزالة والبلاغة، فأجيبوا بقصيدة لا بخيل ولا رجال ولا سلاح ولا مال: ويا ليتها مثلها، فإنها من نظم التقي ابن حجة المزوق الذي قل القصد فيه بألفاظ ومعاني ما لها معنى، فعاليه سفساف، فلا قوة إلا بالله".
هذا وقد ورد الشطر الأول من البيت أعلاه على الصورة التالية: حماة الدين سبقا وإن بعد المدى.
(٣) قبل هذا في نسخة ز، ك "أحمد بن أحمد بن علي بن أبي بكر بن أيوب بن عبد الرحيم بن محمد بن عبد الملك بن درباس المازني الكردي أبو إسحق فخر الدين. ذكره المؤلف في معجمه"، وهي من إضافات الخطيب الجوهرى على بن داود الصيرفي أثناء نسخه للإنباء، وهى ليست الوحيدة مما أضافه ولكنا سننص على كل واحدة في مكانها، أما فيما يتعلق بابن درباس هذا فراجع الضوء اللامع ١/ ٢١٧، هذا وقد خلت ظ أيضا من هذه الترجمة.
(٤) ورد اسمه في كل من نسخة هـ، والضوء اللامع ١/ ٢٢٦ "أحمد بن أبي أحمد الحلبي".