للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شهر شعبان]

أوله السبت.

في الثاني منه عُقد مجلس بسبب بيت (١) الشيخ أبي هريرة بن النقاش المجاور للجامع ابن طولون، فاُحضر ولداه وادّعى عليهما وليّ الدين السفطي -بطريق الوكالة عن السلطان وعن الناظر- فأجاباه بأنّ والدهما استأجر المكان المذكور، وحَكَم بالإجارة القاضي وليُّ الدين العراقي، فأظهر له بذلك مثبوتًا فحضر المجلس المذكور ناصر الدين الشنشي نائب الحكم، وذكروا عنه أنه كان فى سنة ٣٥ حكم بهدمه فسُئل عن ذلك فقال: "الذي ثبت عندي أن الأرض المذكورة من رحاب الجامع وأنّه لا يجوز فيها البناء".

فسألتُه في المجلس: "أنت تقدّم لك حكم بَهْدم بناء ابن النّقاش أم لا؟ ".

فأعرض السلطان عنه، وانفصل المجلس على أنْ أمَرَ السلطانُ القاضي المالكي أن ينظر في الإجارة التي بيدهما ويعمل فيهما بما يقتضيه مذهبه، فادعى عليهما السفطي صبيحة ذلك اليوم أن الإجارة التي بيدهما انقَضَتْ، وأن الناظر يختار الهدم، فحكم المالكي بهدْم الدار المذكورة.

وكان ابن النقاش وَقَف الدارَ المذكورة على صهريج بناه مجاورها، فحكم المالكي ببطلان الوقف بانقضاء الإجارة، ومكِّنهما من نَقْل الأنقاض وتملّكها وتسوية الأرض.

ثم توجّه المالكي بأمر السلطان صبيحةَ اليوم المذكور فحضر هدْم الدار المذكورة، وذلك في صبيحة يوم الأربعاء خامس شعبان.

وفيه عصى (٢) تغري بَرْمُش التركماني نائبُ حلب وأراد القبض على الأمراء بحلب وأن يملك القلعة. ففطنوا فحاربوه وأغلقوا القلعة فحاصرهم فيها. وجاء الخبر بذلك إلى السلطان في الحادي عشر من رمضان، فأمر بتقليد نائب طرابلس النيابة بحلب، وأرسل إليه تقليده وخلعته مع هجّان وأمره بالمسير مع العسكر إلى حلب، والقبض على تغرى بَرْمُش، وكتب إلى الحاجب (٣) بحلب -وكان قد فرّ من حلب إلى حماة- بنيابة حماة، وأمر نائب حماة أن يتحوّل إلى نيابة طرابلس، واستشعر من نائب (٤) الشام فوافي كتابه في آخر اليوم


(١) وردت الاشارة إليه من قبل.
(٢) راجع الخبر في أحداث السنة الماضية.
(٣) كان حاجب حلب إذ ذاك هو الأمير بردبك العجمي.
(٤) هو إينال الجكمي، وكان قد أشيع أنه هو الذي أغرى تغرى بَرْمُش بالتمرد والعصيان والخروج على السلطان الظاهر جقمق.