وفيه ورد الخبر بأنه خرج على الحاج بعد أن انفصلوا من المدينة ريح حارة وأعقبها سموم أضعفت الأبدان وأهلكت الجمال ومات منها من بني آدم عدد كثير، منهم القاضي محب الدين محمد بن أبي الحسن البكري نائب الحكم، وكان عارفاً بالأحكام متثبتاً في القضايا، وقوراً عاقلاً، كثير الاحتمال، مشاركاً في الفقه ولم يشتغل في غيره وقد درس في المدرسة الخروبية بشاطئ النيل نحواً من عشر سنين، وكان قد توجه إلى الحجاز في الرجبية فجاور ثم رجع، وذكر لي من أثق به من أنه كان كثير الطواف وأنه واظب على خمسين أسبوعاً في كل يوم، وهو من قدماء معارفنا وأهل الاختصاص بنا - فالله يعظم أجرنا فيه ويبدلنا به خير منه وقد غبطته بما اتفق له من حسن الخاتمة بالحج والمجاورة وزيارة الحضرة الشريفة النبوية والموت عقب ذلك في الغربة، وكانت وفاته بالينبع وصلى عليه هناك ودفن به، وقد جاوز السبعين بسنتين.
شهر ذي الحجة الحرام اختتام السنة أوله الثلاثاء بالرؤية - يوم الثلاثاء مستهل ذي الحجة بالرؤية، فيه استقر نور الدين علي بن أحمد ابن آقبرس في نظر الأوقاف عوضاً عن تقي الدين بن عبد الرحمن - ابن تاج الدين عد الوهاب ابن ناصر الدين - بن نصر الله ابن أخي الصاحب بدر الدين - وكان تقي الدين استقر فيها بعد صلاح الدين ابن عمه، وكان عمه الصاحب بدر الدين إذ ذاك موعوكاً فبلغه ذلك فشق عليه وشغله الضعف، ثم توجه للعافية واستمر نور الدين في الوظيفة.
وفي الثامن من ذي الحجة ورد الخبر بموت أقبغا التركماني في محبسه بسجن الكرك، وكان أحد الأمراء الكبار في الدولة الأشرفية، وولي النظر على الخانقاه الناصرية بسرياقوس؛ فذكر بعض الكبراء إن السلطان أمر كاتب السر أن يكتب إلى نائب الكرك بأن